عادل إبراهيم الحوفي.. نشأ يتيما ومات شهيدا
عادل إبراهيم الحوفي، ولد في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة عام 1998، أصيب بطلق ناري في الرقبة إثر اعتداء قوات الأمن على مظاهرة بدمنهور يوم 9 يناير 2014، وتوفي متأثرًا بجراحه في 2 فبراير 2014 وعمره 15 عاما.
كان عادل طالبا بالصف الأول الثانوي، توفي والده وهو في السادسة من عمره، وهو أخ لشقيقتين يصغرهما سنًّا.
تحكي شقيقته: “كان عادل أصغر مني بسنة تقريبًا، وقد قضينا طفولتنا مع بعضنا في المدرسة طوال المرحلة الابتدائية، إلى أن انفصلنا في المرحلة الإعدادية، لكن كنت تقريبًا صاحبته الوحيدة، وكنا نتنافس في المذاكرة، وقد كان متفوقًا دراسيًّا”.
وأضافت أخته أنه “كان في الصف الأول الثانوي، وكان ملتزمًا في صغره حتى كبر، ويحفظ القرآن جيدًا، وفي رمضان وفي العشر الأواخر كان يعتكف، ويشارك في إفطار الصائمين، وكانت له جلسة بعد صلاة العصر كل يوم جمعة، وله كلمة يلقيها فيها، والحمد لله أن الناس تشهد له بأخلاقه الحسنة، وأنه كان رجلاً، وفعلاً يستحق الشهادة”.
وتتحدث والدته عنه: “كان يشارك في التظاهرات وكنت أشجعه على ذلك؛ لأنه لم يكن يفعل شيئًا حرامًا أو خطأ، وأقول للذين قتلوه “حسبنا الله ونعم الوكيل، ما الذنب الذي ارتكبه لتضربوه وتقتلوه! ابني لم يؤذِ أحدًا ولم يضرب أحدًا طوال حياته، ما الذي فعله لكي يُضرب بالرصاص، الذي قتله خاف من حجر فضربه برصاصة”.
شهد أصدقاء ورفقاء عادل له بالشجاعة والصدق، وأنه كان مقدامًا على فعل الخيرات رغم صغر سنه، وأنه كان يشارك في كل الفعاليات ليأتي بحق أصدقائه الشهداء والمعتقلين.
تحدث أحد أصدقائه عقب وفاته عن أخلاقه وحرصه الشديد على نصرة دينه قائلا: “من واقع معرفتي به، فإن أكثر ما كان يردده قبل الانقلاب وبعده هو الشهادة، وأعتقد أنه قد استعد لها حتى قبل إصابته بكثير، ويظهر هذا من خلال أواخر منشوراته ومن خلال المواظبة على الصلاة جماعة، والحرص على قيام الليل، وقيامه ببعض الأعمال الصالحة التي لم يعرفها أحد إلا بعد استشهاده”.
بعد الانقلاب العسكري، شارك عادل في مظاهرات “عفاريت دمنهور” الذين أحيوا التظاهرات من جديد في دمنهور، وقد تأثر عادل بزوج عمته ممدوح عبدالفتاح إبراهيم الذي قُتل في مذبحة الحرس الجمهوري، وكان عادل يتمنى الشهادة، وأن يجاهد في فلسطين، وكان يقول ويردد: “هو حد يطول يبقى شهيد”.
شارك عادل في تظاهرة قام بها “عفاريت ضد الانقلاب” في دمنهور يوم 9 يناير 2014، حيث أطلقت قوات من الجيش والشرطة وابلاً من الرصاص الحي والخرطوش صوب التظاهرة، وقد أكد شهود عيان قيام الضابط مصطفى أبو الريش، معاون مباحث قسم شرطة دمنهور، بإطلاق الرصاص الحي من بندقية آلية تجاه المتظاهرين، فأصاب عادل برصاصة في الرقبة نُقل على إثرها إلى المستشفى بمدينة الإسكندرية، وأصاب اثنين آخرين بالقدم.
وهنا تتذكر أخته إسراء وتقول: “كنت ساعتها وحدي في البيت، عندما سمعت صوت الجرس، ففتحت الباب لأجد صديق عادل يسأل: “أم عادل هنا؟”، فقلت له: “لا… فيه إيه طيب؟”. قال لي: “أصيب عادل”، فبدَّلت ملابسي سريعا ونزلت مسرعة في الشارع، وذهبت إلى أمي لأخبرها، ولأخفف الصدمة عنها، قلت لها: “عادل وقع على رجله”.
وتضيف إسراء: “ذهبنا إلى المستشفى. كنت أظن أن إصابته ربما نتجت عن اعتداء بلطجية عليه، أو أن يده مكسورة، أو شيئًا من هذا القبيل. لكن عندما وصلنا إلى المستشفى وجدنا شخصًا يرقد على السرير، كان قد أصيب في نفس التظاهرة التي أصيب فيها عادل، أما عادل، فوجدناه راقدًا على الأرض، فلما رأيناه هكذا، صدمنا لدرجة أن أمي فقدت وعيها، كان مصابا بطلق ناري في الحنجرة أدى إلى شلل رباعي وإصابة في القصبة الهوائية وفي الفقرتين الخامسة والسادسة… حاولت أن أتماسك وأدعو له وأصبّر نفسي وأمي بأن الله سبحانه وتعالى سيشفيه”.
وتستطرد شقيقته: “عندما دخلت أمي عليه، قال لها (ادعي لي بالشهادة)؛ عادل لم يكن يريد من الدنيا شيئًا، فقد كان هدفه هو الشهادة في سبيل الله وكان كل من يدخل عنده يخرج ومعنوياته مرتفعة… لقد ظل طوال فترة وجوده في العناية المركزة لا يأكل ولا يشرب، وتحمل كل ذلك”.
وتروي شقيقة عادل الكبرى عن المرحلة الأخيرة في المستشفى، فتقول: “عادل، والحمد لله، لم يغب عن الوعي، فعندما دخلنا له في العناية المركزة كان مغمضا عينيه، فناديته ففتح عينيه، وكان مبتسمًا وكأنه غير مصاب”.
لقي عادل ربّه صباح الأحد 2 فبراير 2014، متأثرًا بجراحه في مستشفى بمدينة الإسكندرية، وشَيّع الآلاف من أبناء مدينة دمنهور جنازته، التي خرجت من مسجد “السوسي” بالمدينة في وقت متأخر من مساء الأحد.
وكُتب في تقرير الوفاة أن سبب الوفاة طلق ناري في الرقبة أدى إلى الوفاة.
يُذكر أن انقلاب صيف 2013 شهد تدشين العديد من الحركات الشبابية المناهضة له، مثل “عفاريت ضد الانقلاب، وألتراس رابعاوي، وطلاب ضد الانقلاب” وغيرها من الحركات الشبابية.