عويس الراوي.. شهيد الكرامة
عويس عبد الحميد الراوي (38 سنة)، يعمل بأحد مستشفيات محافظة الأقصر (جنوب)، زوج وأب لطفلين صغيرين، وثالث لم يولد بعد، انتهت حياته على يد أحد رجال الأمن، بأربعة طلقات رصاص في الرأس.
ومن خلال شهادات أهالي قريته (العوامية) في محافظة الأقصر، التي وثقها العديد من المنابر الإعلامية في تقارير أبرزها تقرير لموقع “مدى مصر”، فإن الراوي قضى شهيدا برصاصة أطلقها ضابط بالشرطة المصرية على رأسه من مسافة صفر، بعد خلاف على خلفية إهانة الأخير لوالد الضحية.
وحسب تلك المصادر، فإن مقتل الراوي جاء بعد سلسلة أحداث بدأت مع انطلاق مظاهرات شعبية يوم الأحد 20 سبتمبر/أيلول، في العديد من القرى المصرية متزامنة مع دعوة المقاول محمد علي للتظاهر ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظامه، لتتصاعد الأحداث ويأتي مقتل الراوي كأحد تداعياتها.
ورغم نفي إعلام النظام وبيان النيابة العامة لرواية أهالي القرية، إلا أن تواتر تلك الرواية وتعدد مصادرها يوثقها، والتي تحدثت عن توجه قوة أمنية لمنزل عائلة الراوي فجر الأربعاء 30 سبتمبر بحثًا عن ابن عمه، ويدعى ضياء الراوي. وحين لم تجده قررت القبض على شقيق عويس الصغير واسمه الراوي.
وحسب المصدر، حاولت الأسرة إثناء القوة عن القبض على الشاب الصغير، لكنهم رفضوا واصطحبوه إلى الخارج، ليخرج عويس ووالده خلفهم، وبعد مشادة كلامية بينه وأحد ضباط القوة الذي تعمد إهانة الوالد (حسب إحدى الشهادات)، أخرج الضابط سلاحه، وأطلق 4 رصاصات، منهم رصاصة أصابت عويس في رأسه.
هربت القوة الأمنية، وسريعا تصاعد غضب أهل القرية، خاصة بعد التأكد من وفاة عويس خلال نقله إلى المستشفى، واحتجز أهل القرية 3 من أمناء الشرطة، قبل أن يخلوا سبيلهم في مقابل استلام جثمان عويس، وانتقل الغضب بعدها إلى ربوع مصر مع تداول أنباء القصة بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ينقل أحد الجيران الذين شهدوا الواقعة لموقع “درج” المشهد بقوله: “رأيت عويس على الأرض غارقاً في دمه، وبجانبه كان والده لا يستطيع الوقوف على قدميه، وكان أخوه يحاول فك قيوده للذهاب بأخيه إلى المستشفى، وكانت زوجته وأمه تصرخان. كان المشهد مأساوياً جداً”.
لم يكن عويس الراوي ينتمي لأي تيار أو حزب سياسي، بل كان مواطنا هادئا حسن السيرة بين أهل قريته حسب شهاداتهم.
أشعلت حادثة الراوي مواقع التواصل الاجتماعي بصورة غير مسبوقة، وعبر الكثير من المصريين (حتى من مؤيدي السيسي ونظامه)، عن غضبهم الواسع مما اعتبروه “بلطجة” واستهانة من قبل الشرطة بدماء المصريين، وتصدر وسم (#كلنا_عويس_الراوي) الترند المصري على موقع تويتر، وتفاعل عدد من الرموز السياسية والإعلامية، ووصف عويس بأنه “شهيد الكرامة”.
وكان من أبرز المتفاعلين، المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي الذي كتب: “سلطة مصابة بضمور العقل السياسي وتضخم العضلات الأمنية تستفز بركان الغضب المكتوم لينفجر. عويس الراوي شهيد الكرامة”، كما أكد الحقوقي خالد علي على أن عويس ليس أول من قتل على يد الشرطة بالقرية، مستعرضا قصة قتلهم المواطن طلعت شبيب عام 2015.
وكما العادة، لم يدفع هذا الغضب السلطات المصرية إلا إلى التنكر لما أثبتته روايات شهود العيان، وعقب أسبوع من التفاعلات أصدرت النيابة المصرية بيانا، تضمن اتهاما لعويس بالإرهاب، واستعرض شهادة أفراد القوة الأمنية، ناسبا لوالد عويس نفيا لروايات الشهود، الذين اتهمهم البيان بأن رواياتهم متضاربة.
نفي الوالد الذي نقله بيان النيابة، رأى الكثيرون أنه أجبر عليه وجاء تحت التهديد والوعيد، وتناقل البعض مقطع فيديو، لوالد عويس وهو يبكي ولده ويدعو على السيسي ويؤكد أن قتل بطلق نار أمام عينيه، بينما يحاول أحدهم تهدئته وتصبيره.
وضمن تفاعلات النشطاء، دُشنت العديد من الصفحات للنداء بضرورة أخذ حق “شهيد الكرامة”، وتداول العشرات فيديوهات وعبارات الدعم له، ونظم أحد أبناء قريته قصيدة شعر يرثي فيها الراوي ويسجل الواقعة وحرقة أبناء القرية على مقتل ابن بلدهم.