إسلام أحمد غانم
إسلام أحمد غانم 22 سنة، طالب بالفرقة الرابعة بقسم الكيمياء كلية الهندسة جامعة القاهرة، كان الابن الوحيد لوالديه، ويصغره ثلاث فتيات. كانت له مكانة كبيرة في قلوب أصدقائه، تتمثل في الرسائل التي لازلت تمطر صفحته بالحب والفقد بعد مرور ستة سنوات على واقعة قتله في حرم جامعة القاهرة، عندما أغارت قوات الأمن يوم 20 مايو 2014، على إحدى المظاهرات الطلابية المعارضة لانقلاب 3 يوليو/تموز 2013.
كان يرافق اسلام أثناء الواقعة زميله “عبد الرحمن أحمد”، الذي قال في شهادة منشورة أنه عندما اشتد إطلاق الرصاص الحي من جانب الأمن على الطلاب المتظاهرين، حاولا ترك المظاهرة، وأثناء ذلك ترصدهم أحد قناصة الأمن وأطلق الرصاص عليهم، فأصيب إسلام في مقتل ووقع على الأرض رافعاً سبابته، وجرح عبد الرحمن الذي روى الواقعة. لم يثني إسلام عن المشاركة في التظاهرات السلمية ما حدث له بخمسة أشهر، عندما أصيب برصاصتي خرطوش في عينيه اليمين، ضمن تسعة رصاصات أصابت وجهه كله، أطلقتها قوات الأمن أثناء محاولة فض إحدى المظاهرات، ولم تفلح الجراحات التي أجراها في إنقاذ عينيه ففقدها نهائياً، وتأثرت عينه الشمال أيضاً، فأصبحت لا تحتمل الضوء الشديد، كما كتب على صفحته بعد الإصابة: “هم يحاولون أن يدفعوننا إلى حمل دفعا، لكن لعلهم يريدون شيئا و لعل ارادة الله تكون شيئا آخر بإذن الله” مشيراً بذلك إلى العنف واستخدام السلاح المفرط من قِبل قوات الأمن في مواجهة المظاهرات السلمية. ويذكر أن تلك الواقعة في ديسمبر 2013 جاءت بعد شهر واحد من مقتل طالب كلية الهندسة محمد رضا بعد أن أصابه الرصاص الحي الذي أطلقته قوات الأمن في صدره.
كتب بعد اصابته: “الصيف اللي فات أول ما أخدت الاجازة وقبل الانقلاب مباشرة، كنت بدأت أنزِّل محاضرات سنة رابعة وابص فيها و كمان بدأت احضر لمشروع سنة رابعة، و كل ده عشان كنت عايز اجيب امتيااااز 🙂 دلوقتي مش عارف اذا كنت هقدر اخش الامتحانات و لا لأ.”
أما والده، فكتب شهادة حزينة في نهاية عام 2014: “كانت بداية الأحزان مع نهاية العام الماضي، حينما فقدت ابني إسلام إحدي عينيه و بعدها ب 5 أشهر، يصطفيه الله بالشهادة، ليسلب الله مني أغلى ما أعطاني ! فقد كانت طعنة ما زلت أعيشها في كل لحظة، و لا يغيب عن مخيلتي[المشهد] و أنا ادخل علي ابني في ثلاجة الموتى واكشف عن صدره لأرى موضع الطلقة القاتلة، ثم و أنا أدخل عليه غرفة الغسل وهو مستسلم لنا، ونحن نقلبه ذات اليمين وذات الشمال، وهو مبتسم لنا كعادته، ثم ونحن نضعه ف مثواه الأخير و آري معجزة الله تتحقق لأري عينه التي سبقته إلى الجنة قد عادت اليه و آراه يبتسم في قبره كما كان يعيش دائما.”
اتصف إسلام بالعديد من الصفات الحميدة وأولها الحياء الشديد، وحبه لأصدقائه وحثهم على عمل الخير، حيث كان يدعوهم دائما للتواجد والمشاركة في الفعاليات الخيرية، ويحزن عندما يتغيب أحد أصدقاءه، كان لينا في التعامل وفي نفس الوقت كان صارما حازما لا يتهاون في الحق، كما عرف بصرامته خلال تأمين المظاهرات والتي كان مسئولا عنها .
رفض مشاركة باقي دفعته في حفل التخرج وقال : ” مينفعش يكون أصحابي شهداء ومعتقلين وأنا أحتفل عادي كدة “، حيث اكتفى بأخذ بعض الصور التذكارية مع زملائه، واحتفظ بألبوم للصور مع دفعته كتب له فيها أصدقاءه جمل تذكارية ومن ضمنها جملة كتبها أحدهم “أنا حاسس إنك هتستشهد”.
شارك في أحداث محمد محمود وتم احتجازه من قبل قوات الداخلية ثم أُفرج عنه. كان يحرص دائما على حماية المتظاهرين جاعلا من نفسه درع واق لهم فكان آخر من يغادر ليغلق الباب الرئيسي للجامعة حتى يؤخر دخول قوات الأمن ويحمي المشاركين في المظاهرات. كما تعرض إسلام للتحقيق معه في الكلية أكثر من مرة بسبب مشاركته في التظاهرات، وكان لا يستطيع أن يبيت في بيته خوفا من اعتقاله من قبل قوات الأمن .
ويصفه أحد أصدقائه قائلا في منشور على فيسبوك: “ما عهدتك إلا رجلاً تتقدم الصفوف ولا تولي الدبر ولا تخشى فى الله لومة لائم رأيت فيك غيرتك على الأخوات وخوفك على إخوانك مبتسماً، تثبت الرجال وتعطي المثل والقدوة من واقع العمل، صادق النصيحة ومخلص فيها، كلماتك لا تفارق قلبي ولا سمعي”.
وقالت عنه أخته أنه كان شديد الحرص عليها، يتصل بها دائماً أثناء تواجدها في الجامعة.