محمد حسن البنا
محمد حسن السيد أحمد حسن (23 عاما) واسم الشهرة، “محمد حسن البنا“، ولد يوم 25 يونيو 1990، بقرية ميت النحال إحدى قرى مركز دكرنس في محافظة الدقهلية (دلتا النيل)، وقُتل في المذبحة المعروفة باسم “مذبحة أبو زعبل”.
التحق بالتعليم الأزهري، ونجح في المرحلة الثانوية بتقدير ممتاز، والتحق بكلية اللغة العربية في المنصورة عام 2008، وحصل على ليسانس لغة عربية عام 2011، وبدأ تأديته للخدمة العسكرية في 2012.
كان لمحمد 4 أشقاء ذكور هم محمد وأحمد وعبد الله وإسلام، إضافة إلى شقيقتهم منى، وكان والده يعمل محصلا للكهرباء، حيث كان يساعده في الكثير من الأحيان في أداء عمله، وكان لأسلوبه الحسن، محبوبا من الجميع.
تربى منذ صغره على الخلق الحسن، وكان دائم البشاشة لا تفارق وجهه الابتسامة، وذا أثر حسن في كل من يتعامل معه، حيث يترك بصمة لا تنسى، وكانت والدته حريصة على تنشئته تنشأة حسنة حتى فارقته وهو ابن 11 عاما، نهاية يوليو/تموز 2001.
كان محمد مطيعا لوالديه، حريصا على صلة الرحم، سابقا في ذلك المضمار، يعفو ويصفح عمن أخطأ في حقه، ولا يتردد في وصال من يخاصمه من رحمه، وعرف بالرجولة في الأعمال المنزلية التي يخدم فيها أسرته، والخيرية والدعوية التي يخدم بها مجتمعه.
كان محمد من القائمين على أعمال لجنة الزكاه يقريته، وعرف في أسرته وبين أقرانه بالحرص على صيام يوم الإثنين والخميس، وكان يختم القرآن في رمضان عدة مرات حسبما ذكرت شقيقته.
عرف في قريته وبين أقرانه في مراحل دراسته المختلفة بدوره الكبير فى العمل الدعوى، وبرز فى مرحلة التعليم الجامعي بتقديم الخدمات الطلابية والدعوية من خلال أسرة “جيل النصر المنشود” كما كان له نشاط في العمل مع مراحل سنة صغيرة، وترك بصمة كبيرة في “أشبال” قريته ظلت باقية بعد استشهاده.
كان له طريقة خاصة في التعامل مع الأشبال، حريصا على أن يرسم البسمة على وجوههم وينصحهم بطريقته الخاصة المصحوبة بالفكاهة، ويحرص على اصطحابهم في رحلات يجعلها مليئة بالترفيه وما فيه فائدة لهم.
شارك في مشاريع خدمية متعددة في قريته، ومنها حملات نظافة وتجميل، وتنظيم سوق خيري وقوافل طبية ودورات رياضية للأشبال، ومخيمات للشباب، كما شارك في حملة “معا نبني مصر”، وكان له دور بارز في تجميع الشباب في حلقة يومية لقراءة القرآن بمسجد السلام المجاور لمنزله.
كالكثير من أبناء جيله من الشباب، لم يتأخر محمد عن المشاركة في ثورة 25 يناير 2011، سواء من خلال الفعاليات المركزية بميدان التحرير في القاهرة، أو تلك التي خرجت فى مدينة المنصورة بمحافظته، وكان أحد المسئولين عن اللجنة الإعلامية الداعمة للثورة في قريته نشرا وتصويرا.
كان له حضور في العمل السياسي والمجتمعي، وشارك فى حملات انتخابيه لبرلمانيين في مجلس الشعب والشورى، كما كان له دور في الانتخابات الرئاسية التي أعقبت ثورة يناير، حيث كان داعما للرئيس الراحل محمد مرسي، وكان أحد المؤسسين لحملة “شباب الخير” بميت النحال.
وخلال أدائه للخدمة العسكرية، عاد محمد لقضاء إجازة مع أسرته، لكنه اتجه للمشاركة في اعتصم رابعة العدوية، من يوم عيد الفطر، وظل حتى اعتقاله يوم مذبحة فض الاعتصام في 14 أغسطس 2013م.
وحين بدأت عمليات إطلاق النار على المعتصمين، اتجه محمد لتصوير القناصة على مبنى المخابرات والتقط صوراً للداخلية من ناحية “طيبة مول”، ثم اختفى وانقطع الاتصال به منذ العاشرة صباحا.
فى صباح اليوم التالي الخميس، اتصل محمد بوالده وأخبره بأنه محتجز في إستاد القاهرة، ثم نقل إلى قسم شرطة مصر الجديدة وعرض على النيابة يوم السبت، وصدر قرار بحبسه 15 يوما ونقله إلى سجن أبو زعبل.
وفى عربة الترحيلات، أدخلت الشرطة المعتقلين بأعداد كبيرة تكدست بهم سيارة الترحيلات، وتعرضوا خلال الأمر لأشكال من التعذيب منها طول الانتظار داخل السيارة لحوالى 8 ساعات تحت حرارة الشمس الحارقة كما روى أحد الناجين.
لم يتحمل المتكدسون في سيارة الترحيلات التي بها محمد ما هم فيه، وظلوا يصرخون من نوافذها الضيقة، فارتكبت الشرطة جريمة وفاجعة إنسانية بإلقاء قنابل غاز خانقة وحارقة داخل السيارة ثم أغلقت عليهم الباب.
أدت هذه الجريمة لقتل جماعي واستشهاد قرابة 37 من المعتقلين ومن بينهم محمد حسن البنا، وكان ذلك في 18 أغسطس 2013م، ولم يحاسب بعد أي من المشاركين في هذه الجريمة النكراء.
خرجت القرية في جنازة مهيبة للشهيد محمد ورفيقه في ذات المجزرة على مهنى، وسط حالة اختلطت فيها أصوات الغضب والصراخ والحزن مع زغاريد النساء وتهنئة أهالى الشهيدين بما فازا به من شهادة وفضل، كما شهدت قريتهم مسيرات غاضبه للمطالبة بالقصاص لدمائهم.
تلقى الأب المكلوم نبأ استشهاد ابنه صابرا محتسبا، ثم توضأ وصلى ركعتين وقال لأولاده “لا تبكوا واحتسبوا أخيكم شهيدا” ، وأمسك مصحفه وراح يجلس حيث كان يجلس ولده ويقرأ كتاب الله.
كتب شقيقه عبد الله “تعلمت منك الكثير، كيف أضحك في وجه الجميع.. وكيف أتعامل مع الأصحاب.. وكيف يكون كلامي بحدود”، كما نعاه محمد سمير رفيقه في الجيش بقوله “محمد كان معي فى مركز التدريب فى الجيش وأشهد قدام ربنا إن عمرى ما شفت منه حاجة وحشة”.
يقول أحد رفقائه: “تعلمت منه الشهيد كيف أكون بارا بوالدى، تعلمت منه كيف أبتسم حتى فى وجه من يخالفنى ، تعلمت منه كيف يرتبط العبد بربه، تعلمت منه كيف أؤمن بهدفي وقضيتي وأعيش حياتى لتحقيق هذا الهدف والدفاع عن قضيتىي”.