محمود سيد عبد الباسط محمد
يشهد شباب جزيرة الوراق بالجيزة لمحمود سيد عبد الباسط محمد الشهير بـ”أركان سيد” بالاحترام والطيبة وحسن المعاملة؛ فيما تؤكد والدته أنه كان وحيدها على خمس بنات؛ وأنها تدعو الله على قتلته بخاصة الشرطة التي أزهقت روحه مع الشباب النبيل المتعلم مثله دون رحمة، ولذلك فدعاؤها الوحيد عليهم هو أن يُذيقهم الله مرارة فقد أحبابهم، مثلما فقدتْ وحيدها من جراء إطلاقهم قنابل الغاز المُسيل للدموع والخرطوش عليه ثم ادعاء أنه “بلطجي”؛ مع إنه متعلم وحسن التربية، بحسب قولها.
أوقفت مباريات الدوري المصري لكرة القدم والمبارايات عمومًا عقب مذبحة بورسعيد في الأول من فبراير/شباط 2012م، والتي راح ضحيتها نحو ستة وسبعين من مشجعي النادي الأهلي في مباراة له مع المصري، ولكن مع مرور الشهور تم إعادة الدوري دون السماح للجمهور بالحضور، ولاحقًا في الأحد 8 من فبراير/شباط 2015م سُمِح للمشجعين بالحضور لكن على أستاد عسكري ادعاءً بالحفاظ عليهم؛ وقبل مباراة الزمالك وإنبي صرح رئيس نادي الزمالك بأنه سيسمح للجماهير مشاهدة المباراة دون شرط الحصول على تذاكر لها.
وفي يوم المباراة ذهب أركان برفقة بعض من شباب القرية وفيهم نجل عمه؛ ولم يدر بأن في حضوره المباراة نهايةً لحياته، إذ كانت الداخلية قد استبقتها بإعداد قفص حديدي ضخم للجماهير؛ ومع التدافع وكثرة الراغبين في حضور المباراة بدأتْ قوات الأمن في إطلاق طلقات الخرطوش؛ بالإضافة إلى الغاز المُسيل للدموع، ما أدى إلى تدافع آلاف المشجعين وسقوط بعضهم مختنقًا، وكان من بينهم محمود الذي أصيب بالخرطوش بحسب تقرير للجزيرة نت في 11 من فبراير/شباط 2012.
وقالت بعض المواقع أن تقرير المستشفى بين أنه تُوفى بسبب التدافع وليس الغاز، بحسب تقرير “شهداء «الدفاع الجوي» في سطور.. افتكروهم” للتحرير في 7 من فبراير/شباط 2016م، فيما انفرد موقع توثيق مجزرة الدفاع الجوي ـ شهداء مذبحة جماهير الزمالك بصورة للتقرير الطبي وفيها إنه أصيب بإعاقة للجهاز التنفسي أدت للضغط على الصدر، واستشهد أركان عمومًا ضمن آخرين تم تقديرهم ببضع وعشرين.
وبحسب تقرير الجزيرة نت رفض الأمن دخول محمود مع آخرين للمباراة من الأساس بحجة عدم وجود أماكن شاغرة لهم، فيما اكتست جزيرة الوراق: “بعباءة الحزن، وعاشت عائلته تحت هول الصدمة، وسط توعد من أفرادها بأن دماء فقيدهم (لن تذهب سدى).
عم محمود قال إنه تلقى اتصالًا هاتفيًا جاءه بأن نجل أخيه مصاب في مستشفى النادي الأهلى، فذهب على الفور، وهناك طمأنه الطبيب على سلامته، ولكنه رفض أن يراه قائلًا إنه على جهاز التنفس الاصطناعي، وبعد حين وافق لكن لمرافق له، وبعد دخوله بدقائق خرج ليقول: “.. أركان راح”، في إشارة لوفاته، بحسب فيديو ضمن تقرير لقناة النهار الخاصة في 12 من فبراير/شباط 2012م.
كما هاجم عم محمود في فيديو مصاحب لتقرير الجزيرة أحد الإعلاميين المُنتمين للنادي الزمالك الذي صرح عقب المذبحة بأن الضحايا عددهم ثلاثة فحسب؛ وهم الذين بادروا بمهاجمة سيارات الداخلية (للأمن المركزي) مؤكدًا أن نجل شقيقه كانت يداه بالغتيّ السواد من آثار قنابل الغاز فكيف هاجم قوات الأمن؟
أما نجلا عم محمود، محمد وسيد، فأكدا أن ما حدث له ولبقية مشجعي وألتراس الزمالك: “كان مؤامرة من رئيس النادي مرتضى منصور الذي صرح قبل المباراة أن مفاجأة تنتظر الألتراس حيث تم استدراجهم بفتح الدخول مجانا للجميع، قبل قرار منع الدخول الذي أعقبه إطلاق قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والخرطوش باتجاههم”.
قال صديق محمود، تامر، والذي رافقه حتى آخر أنفاسه بأن أركان فوجيء مثله بأحد أعضاء الألتراس يُطلقُ شمروخًا في الهواء؛ لتنهمر قنابل الغاز المُسيل للدموع عليهما، وينجو تامر بإعجوبة؛ فيما كان محمود ملقىً يتنفس رغم آلامه ما يزال؛ وبعد أن أجرى الإسعافات الأولية له؛ ولم يجد منها فائدة حمله على كتفه مسارعًا إلى سيارة الإسعاف التي رفضتْ أخذه معها، فرفض بدوره أن تتحرك دون صديقه، ولتصل إلى المستشفى لكن بعد أن فقد أركان حياته.
شقيقتا محمود، آيات وناهد، أكدتا أنه كان الوحيد الذي يسأل عنهما وأنهما يشعران بالقهر لفقده، بخاصة مع إعدادهما العدة في آخر أيامه لتزويجه.
أحد أصدقاء أركان أكد في فيديو لمصر العربية في اليوم التالي لوفاته أن قاتله لو يعرف مقدار طيبة قلبه لما استطاع التعرض له بسوء فضلًا عن إنهاء حياته، كما قال آخر إنه لو رأى رئيس النادي الزمالك لقتله فورًا انتقامًا لأركان.
فيديو مجمع لصور من حياة أركان.
فيديو مجمع آخر لصور من حياته.