أشرف السعدني: بطل مصر الذي قتله الإهمال الطبي في السجن

 

لم تشفع له صدارته وريادته في مجاله الرياضي (التايكواندو)، وحيازته لقب أفضل لاعبي تلك الرياضة بمصر في أحد الأعوام، ثم تدريبه آخرين مثلوا مصر عالميا ونالوا مراكز متقدمة، لينضم إلى قائمة من قضوا نحبهم في سجون عبد الفتاح السيسي بسبب الإهمال الطبي المتعمد.

أشرف عبد الفتاح عبد الفضيل السعدني (42 سنة)، زوج وأب لأربعة أبناء، مدرب منتخب مصر في رياضة التايكواندو، ومثل بلاده دوليا في تلك الرياضة مدة 6 سنوات، حتى القبض عليه مطلع فبراير/شباط 2014، حاز خلالها العديد من الميداليات والبطولات العالمية (حسب زوجته)، انتهى به المطاف كغيره من معارضي انقلاب 2013 في سجون النظام المصري. وانتهت حياته داخل مستشفى سجن ليمان طرة يوم الأحد 28 يناير 2018 داخل المستشفى، نتيجة الإهمال الطبي.

عانى السعدني من العديد من الأمراض خلال فترة اعتقاله التي استمرت 4 سنوات قبل أن يأتيه الأجل، منها مرض السكري والكبد، فضلا عن مضاعفات خطيرة لقطع أصيب به في الرباط الصليبي كانت تتهدده ببتر ساقه، وأجرى خلال سنوات اعتقاله عملية استئصال 35 سم من الأمعاء، وجراحة في الركبة.

ولم تفلح المناشدات المتتالية من أسرة السعدني عبر منابر إعلامية وحقوقية متعددة، وتحذير منظمات حقوقية مختلفة (منها الشهاب لحقوق الإنسان و هيومن رايتس مونيتور، والتنسيقية المصرية للحقوق والحريات) من مآلات الإهمال الطبي الذي تعمد النظام المصري التعامل به مع حالة السعدني.

وحسب ما نشرته وسائل إعلام كالجزيرة نت، ووثقته منظمات حقوقية منها الشهاب وهيومن رايتس مونيتور، تدهورت حالة أشرف السعدني الصحية، ودخل في غيبوبة كاملة منذ يوم السبت 20 يناير 2018، ورفضت حينها إدارة مستشفى القصر العيني استقباله، متعللة بعدم وجود غرف عناية مركزية مناسبة، كما رفضت إدارة سجون مجمع طرة استقباله مرة أخرى لسوء حالته الصحية.

بعدها، تم ترحيله إلى مستشفى ليمان طرة، والتي تفتقد لأدنى لوازم وضرورية الرعاية الطبية الطبيعية فضلا عن الحالات الخطيرة المتطلبة رعاية خاصة، كما تم حرمان ذويه من زيارته ورعايته، لتنتهي حلقات هذا المسلسل من الإهمال الطبي المتعمد بوفاته يوم الأحد 28 يناير 2018 داخل المستشفى.

وجاءت الوفاة قبل يومين من موعد النطق بالحكم في قضيته المعروفة إعلامياً بـ”خلية إمبابة” أمام قاضي الإعدامات ناجي شحاتة.

بدأت قصة اعتقال السعدني حسبما روت زوجته أم عمر لموقع الجزيرة نت في تقرير سبق وفاته بنحو عام ونصف، حين تم اعتقاله مطلع فبراير 2014 من منزل أحد أصدقائه بعد الضغط عليه من قبل أجهزة الأمن للإيقاع بزوجها، ولُفقت له تهم الانضمام لجماعة محظورة وتهم أخرى معتادة بحق معارضين للسلطات.

وتضيف زوجة السعدني بأنه “رغم اعتراف صديق زوجها أمام القاضي بالمؤامرة التي نفذتها أجهزة الأمن للقبض عليه وانتهاء تحريات أمن الدولة بعد 9 أشهر من الاعتقال إلى أن زوجها ليست لديه انتماءات سياسية، وبعد تبرئته من هذه التهم، لفقت له قضية إرهاب، وتم ضمه لقضية خلية إمبابة”.

تؤكد الزوجة في هذه الشهادة بأن جميع المتهمين في هذه القضية شهدوا أمام المحكمة بعدم وجود أي علاقة أو معرفة سابقة لهم بالسعدني، لكنها مع ذلك كانت متخوفة من أن يطال زوجها حكم قاس من هيئة المحكمة التي كان يرأسها ناجي شحاتة، المعروف بـ”قاضي الإعدامات”، لكثرة أحكام الإعدامات التي أصدرها في السنوات الأخيرة، إلا أن القدر كان يخبئ لها أمر آخر.

في تلك الشهادة أيضا، أبدت الزوجة أسفها وتعجبها مما لقاه زوجها رغم “تمثيله مصر تمثيلا مشرفا بشخصه وبمن دربهم ممن حازوا بطولات وميداليات عالمية، وكذلك إدخاله لعبة التايكواندو إلى المدارس العسكرية”؛ متسائلة “هل يعقل أن تكون مكافأته في النهاية باتهامه بالإرهاب وشطب اسمه من اتحاد اللعبة بعد ساعتين من اعتقاله ظلما؟”.

وحسب شهادات رياضيين زاملوا السعدني وعرفوه، منهم محمد جودة (مدرب تايكواندو) وأحمد سعد (ناقد رياضي)، في ذات التقرير، الذين اعتبروا ما حدث مع السعدني خلال فترة اعتقاله “أمرا مخجلا وفيه إساءة كبيرة لمصر وأبطالها”، خاصة تعرض له من انتهاكات في السجن (قبل الوفاة) وللضرب الشديد على قدمه المصابة دون أي مبرر.

كما أفاد تقرير مصور أذاعته قناة وطن، بأن ما تعرض له السعدني من إهمال طبي كان بأوامر صادرة من ضابطين اسمهما أحمد فكري ومحمد عبد العظيم، وأنه تنقل خلال فترة اعتقاله بين العديد من السجون، آخرها أحد سجون مجمع طرة، وكان أحد أسباب تدهور حالته الصحية، أمر الضابط أحمد فكري بإعادته إلى سجنه عقب إجرائه جراحة دقيقة، قبل تماثله للشفاء.

يحكي أحد المعتقلين السابقين ممن عايشوا السعدني في سجن طرة لمحرر “قتل في مصر” (شهادة خاصة) أنه كان رغم مرضه وتدهور حالته الصحية، كان مرحا صاحب روح متفائلة، نشيطا حريصا على خدمة أقرانه في الزنازين التي تنقل بينها، وفي حال استقرار حالته الصحية لفترات بسيطة، كان ينظم دورات تدريبية للمعتقلين ويشجعهم على ممارسة الرياضة.

وخلال فترة علاج قضاها في مستشفى القصر العيني، أثناء فترة سجنه، خضع خلالها لإحدى العمليات الجراحية الصعبة، حرص العديد من محبيه على زيارته والتقاط صور تذكارية معه وقاموا بنشرها عقب وفاته غير مكترثين بما قد يجلبه ذلك عليهم من أذى وملاحقة.