أحمد وجيه عبد الصادق
أحمد وجيه عبد الصادق طالب بالصف الثاني الجامعي؛ تُوفى أبوه ولديه 7 سنوات فحسب، وقامتْ والدته التي تعمل مُعلمة بتربيته وأخويِّه مؤكدة أنه كان قنوعًا وحساسًا يراعي ظروف الأسرة الاقتصادية فلا يطلب منها إلا ما يشعر أنها قادرة على تحقيقه.
لكن الشاب عشق كرة القدم و”النادي الأهلي”، فكان ينتقل خلفه من محافظة لأخرى كلما لعب مباراة ليكون ضمن المُنظمين للدعاية وحجز التذاكر له؛ سواء في الجونة أو المحلة الكبرى أو غيرهما؛ كما لم يطلب من والدته ما يفوق إمكاناتها إلا فيما يتعلق بثمن تذكرة سفر لتشجيع فريقه المُفضل في مبارة له في تونس بـ”دوري أبطال إفريقيا”، ويومها طلب منها منع المصروف عنه لمدة ستة أشهر ليتمكن من السفر، وهو ما رفضته والدته وأصرت على إهدائه المال.
وقبيل الذكرى الأولى لـ”موقعة الجمل” لم تتوقع أسرة الشهيد أن “المجلس الأعلى العسكري” الحاكم آنذاك و”وزارة الداخلية” يُعدانِ لمفاجأة مضنية مؤلمة للمصريين؛ إذ ذهب أحمد مع كثير من الشباب المُشجعين للأهلي أو “الألتراس الأحمر” في الأول من فبراير/شباط 2012م خلفه إلى “أستاد بورسعيد” لحضور مباراته مع “النادي المصري” في “الدوري المحلي”.
كانت الأجواء مُشتعلة بين جمهوري الناديينِ يومها والأمن غير مستقر في مصر؛ لذلك طلبت والدته منه عدم الذهاب فأصر، وأخفت الأم في نفسها أمرًا كانت تفعله أيام الثورة، إذ تعمدتْ ألّا توقظ ابنها أحمد من نومه، وكان يُصرُّ على الاستيقاظ مبكرًا للذهاب إلى الميدان، مع تكرار طلبه منها أن تدعو الله له بالشهادة.
لكن والدته تقول إنها لم تكن تتوقع أن يستشهد ابنها في مباراة لكرة القدم ذهب إليها للتشجيع مرتديًا فانلة بيضاء ليعود في كفن بنفس اللون؛ ويُقال عنه شهيد.
استيقظ أحمد صباحًا وأسرع للسفر فيما حدثته والدته توصيه بنفسه، ولكنها وهي تشاهد المباراة في التلفزيون شاهدت محاولات جمهور “فريق المصري” المُستضيف لـ”الأهلي” اقتحام المقصورات الخاصة بجماهير النادي الأخير قبل بداية المباراة وعقب أحد أهداف “المصري”، لم تكن الأم تعرف أن الجماهير مُسلحة وأن الأمن تقاعس في تفتيش الداخلين، لكنها حدثت ابنها مرتين هاتفيًا فأخبرها أن الأجواء غير مشجعة وطلب منها الدعاء له.
وبعد انتهاء المباراة بفوز “المصري” بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد لـ”الأهلي” انطلقت جماهير النادي الأول لتقتحم مقصورات تشجيع “الأهلي”؛ وقام الأمن بفتح الباب الفاصل بين مقصورات مشجعي الفريقين، وإغلاق الأبواب التي تسمح لجماهير “الأهلي” بالخروج؛ فيما عدا أحد الأبواب الضيقة التي تسبب التدافع عند الذعر من الاعتداءات الشديدة عليهم.
واشتعلت الأحداث في الملعب وسقط قرابة 76 مشجعًا قتلى بالإضافة إلى 284 مصابًا، بحسب بيان وقتها لـ”هيئة لإسعاف المصرية” التابعة لـ”وزارة الصحة”، فيما كانت والدة الشهيد تحاول الاتصال به مجددًا فلا يرد، حتى أكد لها أحد أصدقائه أنه ركب القطار عائدًا؛ لكن القلق عاودها فاتصلت بآخرين حتى قال آخر لها إنه أغمى عليه ونُقِلَ للمستشفى.
كان عمرو أخو أحمد الأكبر يستعد للذهاب إلى بورسعيد بحثًا عن أخيه في المستشفيات، حينما علمت الأسرة بأن أحمد سيتم الإتيان بجثمانه إلى “مطار القاهرة” في رحلة داخلية لتبقى الأسرة منتظرة فيه من الثالثة فجرًا حتى السابعة صباحًا.
تقول والدته إنها لا تعتب على “جماهير بورسعيد” فقد كان والد ابنها الراحل يعمل فيها في “هيئة قناة السويس”، ويلعب أيضًا في “النادي المصري” قبل زواجها ولكنت تعيب على الذين تعمدوا عدم حفظ الأمن في ذلك اليوم.
في ذكرى وفاة الشهيد الثانية أكدت والدته: “أحتفل أنا وأخوه بعيد ميلاد أحمد كل سنة وسط أصحابه وجيرانه الذين يحرصون على إحضار تورتة غير مصدقين أن أحمد ليس بيننا، ويحرص أصدقاؤه على زيارة قبره فى عيد ميلاده ليقدموا له التهنئة!”.
وأضافت: “قلبنا قايد نار على ولادنا اللى ماتوا، ورغم مرور عامين على الحادث، إلا أننى اشعر وكأنه بالأمس”، مُشددة على: “أنا نفسى أشوف ابني”.
رابط لحديث والدة أحمد:
المصادر:
1ـ فيديو لوالدة أحمد متحدثة عنه.
2ـ والدة أحمد وجيه ضحية مجزرة بورسعيد: نحتفل بعيد ميلاده عند قبره ـ صدى البلد ـ 31 يناير 2014م.
3ـ احمد وجيه : عشق الاهلى فى دمه شجع الكيان فضحى بحياته عن طيب خاطر لاجل مصر .
4ـ بالصور.. الرواية الكاملة لأحداث بورسعيد بعد 3 أعوام على «المجزرة» ـ المصري اليوم ـ 1 من فبراير 2015م.
عدد من المواقع وصفحات الفيس المتحدثة عن الشهيد.