أحمد محمد يوسف
تقول والدة الشهيد أحمد محمد يوسف (17 عامًا) الشهير بـ”كابو” إنه كان مُسالمًا حتى أنه حينما سرق منه أحد زملائه محمول جديد؛ فذهب والده إليه وأهانه، فعتب الراحل على والده بشدة بعدها، كما تؤكد إيناس كامل أن نجلها كان بالغ المثالية يحتوي قلبه رحمة بالبشرية، فما بالها برحمة الله به بعد مقتله إثر ضربه بشدة على رأسه في أستاد بورسعيد، وكسر أنفه وفمه، مع وجود علامات خنق على رقبته، وتغطية بنطاله كله وجزء من حذائه بدمائه؟
تُضيف الوالدة في فيديو قصة بطل 1/3 أن نجلها استعد بطريقة خاصة للذهاب لمُباراة الأهلي والنادي المصري في محافظة بورسعيد، ولذلك اشترى طاقم ملابس جديد بالكامل يُناسب فصل الشتاء؛ إذ أقيمت المباراة في الدوري العام لكرة القدم في الأربعاء الأول من فبراير/شباط 2012م، فطلب من والدته حذاء برقبة طويلة لونه أصفر، وكما نزل بنفسه لشراء جاكيت أحمر وفانلة بنفس اللون وبنطال، وكان سعيدًا بإمكانية حضوره المباراة.
كانت الأجواء في مصر أيامها مُضطربة، وأراد المجلس الأعلى للقوات المُسلحة الذي كان يحكم وقتها الانتقام، وإثبات أن البلاد غير مُهيأة لانتخابات رئاسية وحكم رئيس مدني فدبر الأحداث، وسمح لغلاة مُشجعي النادي المصري وبلطجية باقتحام الأستاد والتنكيل بمُشجعي النادي الأهلي عقب فوز المصري بثلاثة أهداف لهدف للأهلي ، وهو ما تكرر بكثافة عقب إطلاق الحكم صافرة النهاية، وقبل المباراة وبين الشوطين، باستخدام الأسلحة البيضاء مما أدى إلى وفاة نحو 76، بالإضافة إلى مئات المُصابين.
غافل أحمد والديّه وأنكر ما قال لشقيقته الأصغر منه آلاء (الطالبة بالصف الثاني الابتدائي وقتها) من رغبته واتفاقه مع زملائه على الذهاب لبورسعيد لمُشاهدة المباراة، وخوفًا عليه إذ إنه وحيد أسرته من الذكور على ابنتين، قرر والداه إغلاق باب الشقة وجميع منافذها عليه؛ إلا أنه نجح في الخروج بعد أن وجد أحد المفاتيح، وذلك بعد انصراف والديّه لعملهما صباحًا.
خاف الفقيد وصديقه كريم المُلقب بـ”جوليو” بعد بداية المُباراة مما شاهداه قبلها، فحاولا الخروج إلا أن أفراد الأمن المركزي على الباب الحديدي قالوا لهما: “من الأفضل أن تعودا لمكانكما، فليست لدينا أوامر بمغادرة أحد منكم الأستاد”.
رأت والدة الشهيد الكلمات السابقة دليلًا على وجود مُؤامرة من مسئولين كبار، ومسئول بالغ الحساسية لم تُسمه ضد مُشجعي الأهلي، بخاصة أن نجلها كان قد نجح في ركوب الباص التي استأجره وزملاؤه لنقلهم إلى محافظة السويس حيث كانوا يُقيمون، ثم صرخ أثناء مُكالمة مع صديقه مصطفى:” انجدنى يتم الاعتداء علينا الآن، وعقبها لقي الفقيد الله وأيضًا صديقه كريم، وكانا لم يوافقا على جلوس أحدٍ بجوارهما في الكرسي الأخير، رغم أنه يتسع لثلاثة أو أربعة أفراد، فيما رآه والد أحمد تنبأ مبكرًا من نجله وصديقه بما سيحدث لهما، بحسب فيديو قصه بطل في جزء حوار الوالد، بحسب فيديو قصة بطل 2/3.
لم تصدق والدة الشهيد خبر وفاته، وانتظرت عودته اليوم التالي، وكذّبت صديقه مصطفى لما قال لها إنه تُوفى، حتى إذا جاءت الإسعاف به أمام بيته خرجت فرأته وانهارت غير مُصدقة أن نجلها شاهد مباراة فتمتْ سرقة جميع أغراضه وبطاقة هويته، وجُرِدَ من بعض ملابسه، بل كُتِبَ على جسده استهتارًا بروحه، وشعورًا من القتلة بأنهم في مأمن من العقاب.
كما تُضيف الوالدة أنها ما تزال تبحث عن نجلها في وجوه الشباب في الشوارع وتود أن تُقبلهم، بالإضافة لاحتفاظها بملابسه وأحذيته كما هي لتشم رائحة عرقه التي تصفها بالجميلة، وتصف عمره الذي قضته معه بأنها كان “كُلُّه سعادة وحبّ”، إلا أنها تعتذر عن كل تقصير تراه شديدًا بدر منها نحوه، مُؤكدة أنها تدعو له كثيرًا للتكفير عنه، وتتمنى أن يتوفاها الله “لتأتي له في أقرب وقت، فالأيام تجري بسرعة”، كما أن نجلتها الصغرى مُصرة على أنه سيأتي قريبًا ويطرق الباب.
عمة الراحل زينب يوسف تقول إنه كان الذكر الوحيد في أبناء العائلة، وإن جثمانه الذي أتوا به بعد الصلاة عليه في المسجد الأزهر كان مُشوهًا، أما عمته الثانية فاطمة يوسف تضيف أنها زارت أسرته يوم الجمعة قبل استشهاده، إذ كان طلب منه خط هاتف جديد، فاتصلت به على محموله فاعتذر لها لوجوده في درس خصوصي.
يصف صديق أحمد اللقاء الأخير بينهما فيقول محمد صابر إنه قال له: “خلي بالك من نفسك”، فأجابه: “أنت المُسافر لا أنا؟”، فأجابه: “هتوحشني”، وعند مُشاهدة محمد للمباراة شاهد “وحوشًا” تنزل الملعب، بحسب قوله، فأسرع يتصل بأحمد ليسمع صوت صراخ فقط، ثم يُغلق الخط بعدها نهائيًا.
أما أحمد إبراهيم فذهب إلى بورسعيد مع الراحل وعاد ليشهد بأنه كان حريصًا على حماية الأصغر منه سنًا ممن حضروا المباراة، وإن أحد أفراد الأمن قال له، بعد أن نجا من الموت: “اطلعوا اقعدوا فوق؛ لا نناديهم لكم”، بحسب فيديو قصة شهيد 3/3.
لاحقًا استبشر والد الشهيد خيرًا بحكم على المتهمين بارتكاب المذبحة، وصرحت والدته أنها تنتظر الزج بمزيد من الجناة في عريضة الاتهام، وذلك بحسب فيديو.