حسام الدين سيد عبد الفتاح
تمنى حسام الدين عبد الفتاح، أن يستشهد وهو ويدافع عن وطنه، ولم يكن يعرف أن حبه لمشاهدة مبارايات فريقه المفضل الأهلي سيُفقده حياته القصيرة وهو فقط في الثامنة عشر، بحسب تقرير: تحت شعار “لن ننساكم”.. “شفاف” تخلد ذكرى ضحايا أحداث “بورسعيد” و”الدفاع الجوي” في 8 من فبراير/شباط 2016م.
كان الشهيد يدرس في الصف الثاني الثانوي العام، ويقيم في حي دمنهور بمنطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، ولإنه الأصغر ضمن أشقاء ثلاثة فهو المقرب إلى قلب والده ووالدته، وحرص على أن يملأ جدران غرفته بصور لاعبي ناديه المُفضلحتى عُرِفَ بين أصدقائه بعاشق الأهلي المُتيم.
ولكي لا يترك مباراة للأهلي جمع مصروفه ولم يفرط فيه ليذهب للإستاد؛ وأحيانًا كان يسير لمدة ساعتين حتى لا يدفع أجرة ركوب مواصلة، ويدخر ماله.
بعد وفاته تحدث عنه والده فقال: “حسام كان مُتدينًا، ووصل لدرجة توقعه ما سيحدث له ولأقاربه ومحبيه، خاصة أنه كان يجيد قراءة القرآن الكريم بالتجويد، وحرص على تنظيم أوقاته بين المذكرة، والقراءة، وتشجيع فريقه، وتفوق فى دراسته، حيث حصل على الدرجات النهائية فى جميع المواد، بفضل جده واجتهاده، كما كان حريصًا على حضور دورس حفظ القرآن فى المسجد، حتى أصبح إمام المسجد القريب من المنطقة”.
حلم الراحل منذ صغره بأن يدخل كلية الطب البشري ليُعالج مُصابي الثورة، ويوم مباراة الأهلي والنادي المصري على إستاد بورسعيد في الأول من فبراير/شباط 2012م؛ وهي المباراة التي حاول من خلالها المجلس الأعلى العسكري الذي حكم مصر عبر تنحي مبارك ونجاح الثورة، التأكيد على أن مصر ليست مُهيأة لحكم رئيس مدني.
ويومها قال الشهيد لوالدته وهو يوهمها أنه ذاهب لمكان آخر: “ادعى يا أمى إنى أرجع.. أنا حاسس إنى مش راجع، أو (أن) الأهلى هيخسر المباراة، وفى الحالتين أنا كده كده مش هكون مبسوط، ادعى يا أمى”، ثم قبّل يديها، ودعت له والدته بالسلامة؛ ولكن كان لها موقف شديد من ذهابه إلى إستاد بورسعيد.
وتروي والدته قائلة: “قبل الحادث بيوم أنهى عمر امتحاناته، وكنت رافضة تمامًا ذهابه لمشاهدة المباراة فى بورسعيد لخوفي عليه، ولكنه أخبرنى أنه سيذهب لملاهي دريم بارك فى اليوم التالي؛ لقضاء يوم سعيد احتفالا بانتهاء الامتحانات، عندها لم أمانع، داعية له بالتوفيق، وما أشعرنى بالأمان أنه قرر اصطحاب شقيقه الأصغر معه”.
وتستكمل والدته كلماتها قائلة: “كذب عليّ علشان أنا كنت رافضة ذاهبه لمشاهدة المباراة فى الإستاد، بعد أن عاد من المباراة السابقة بعد أن تعدى عليه المشجعون قبل مجزرة بورسعيد بأسبوع، وقتها منعتهما من الذهاب لمشاهدة المباراة، بعد أن اتصل والدهما من الإسكندرية، مقر عمله، وطالبها بذلك، قبل يوم المجزرة”.
وتسهب والدته في رواية مخاوفها عليه فتقول إنها ليلة المباراة جلست مع الشهيد وشقيقه، وطالبتهما: “بتنفيذ أوامر والديهما بعدم الذهاب إلى بورسعيد”، فقال لها حسام: “هيحصل إيه يا ماما.. لو متنا هنموت شهداء، ودى أحسن حاجة ممكن تحصل لينا؟”.
صلى الشهيد الفجر مع شقيقه في مسجد الحي، وذهبا لمحطة مصر وركبا القطارلبورسعيد، وقبل المباراة بنصف الساعة اتصل بها عمرو شقيق حسام ليقول لها: “لا تقلقي نحن إلى جوار البيت”، بحسب تقرير: حسام الدين.. إمام المسجد الذى عشق الأهلى فاستشهد فى محرابه ـ قصص شهداء المجزرة.. لو حكينا نبتدى منين الحكاية ـ موقع مصرس نقلًا عن الصباح في 2 من فبراير/شباط 2013م.
فوجئت والدته باتصال من والده من الإسكندرية يعاتبها على تركها له يذهب لبورسعيد، دون أن يعرف القصة، بعد اتصال من عمرو قال فيه: “أخويا سايح في دمه”.
وتوضح والدة الشهيد أنها بادرت بالنزول للشارع بملابس المنزل ذاهبة للإستاد، وفي المحطة قابلت زوجها، وظلا يبحثان عن ابنهما حتى وجداه في المشرحة على الأرض بسبب تأثره بإختناق وكدمات في الوجه والجسم، ما أدى لحدوث نزيف داخلي بالرأس؛ وارتجاج في المخ وفقدان الوعى، قاده إلى الوفاة.
لاحقًا أثبت تقرير الطبيب الشرعي تعرض حسام لضرب على مؤخرة الرأس قبل رحيله، تم نقل جثمان الشهيد ودفنه في الإسكندرية، وسافرت الأسرة كلها للإقامة هناك وتختتم والدته كلماتها بالقول إن ذلك جاء نظرًا لـ “الأوضاع السيئة فى القاهرة (حينها)، مُعربة عن رضاها بحكم الله وقضائه”.