يوسف فايز أرمانيوس ابراهيم
يوسف فايز أرمانيوس إبراهيم، 32، تُوفى أبوه عندما كان عمره 18 عاماً، فنهض لتربية إخوته فلم يقصر ولم يملَّ؛ وهم ثمانية إخوة من بينهم اثنتين من الأرامل بالإضافة إلى أبنهائهما؛ إستأجر محلاً للعطور بحي السلام؛ في القاهرة، حيث كان هناك قسماً للشرطة على مقربة.
بعد حين صار يعاونه شقيقه شنودة، وهو الذي يروي قصة اليوم الأخير من حياة يوسف فيقول: إنه كان من المفترض أن يذهب في يوم جمعة الغضب أو 28 من يناير/كانون الثاني 2011 لشراء بضاعة من وكالة البلح، كما هو متبع كل نهاية أسبوع؛ إذ إن على الأخوين تجديد بضاعتهما من العطور إسبوعياً.
إلا أنه في يوم الجمعة الأخير في حياة يوسف صمم على أن يذهب أخوه شنودة لوكالة البلح لشراء البضاعة فيما يجلس هو في المحل؛ ولم يملك أخوه الصغير إلا أن يستجيب دون أن يعرف ما يخبئه القدر لهما.
عند عودة شنودة بالبضاعة عند الخامسة مساء وجد صديقًا له يخبره بأن أخاه ملقى عند قسم السلام؛ فألقى البضاعة وذهب ليجد مشهدًا لا ينساه وكأن حربًا قامت بين مصر وإسرائيل (على حد قوله)؛ فالجثث ملقاة في كل مكان، بالإضافة على المصابين. نتيجة إطلاق النارمن جانب العاملين في قسم الشرطة على المتظاهرين.
أصيب يوسف برصاصة في صدره، فحمله أخوه شنودة مسرعًا به إلى مستشفى السلام الحكومي؛ وهناك أخبره الأطباء بأن إمكانيات المستشفى تقصر دون معالجة حالة أخيه لخطورته؛ أسرع شنودة مجددًا ليجمع 9 من المصابين بإصابات خطيرة ومنهم أخوه عبر سيارة إسعاف إلى مستشفى الدمرداش هذه المرة.
وفي الطريق إلى المستشفى كان يوسف يوصي أخاه بأمه وإخوته مشددًا على عدم التقصير في حقهم في يوم من الأيام بعد رحيله طالبًا منه الدعاء له، فيما كان أخوه يطمأنه إلى أنه بكل خير.
ظل يوسف يعالج بمستشفى الدمرداش لمدة أسبوع، وكان يتمكن من محادثة أخيه ويسأل عن أحوال البلد؛ فكان الأخير يطمأنه إلى أن الأمور بخير وستنجح الثورة وينعمان بالنجاح والاستقرار في الحياة بعدها؛ فكان يوسف يكتفي بالنظر إلى أمه وإخوته موصيًا أخاه بهم خيرًا؛ وفي 4 من فبراير/شباط 2011م فاضت روحه إلى خالقها قبل أن يرى خلاص مصر من حكم المخلوع حسني مبارك.
بعد وفاة يوسف وبعد قرابة أسبوعين تقدم محاميه جورج فريد نيقولا ببلاغ للنائب العام ضد حبيب العادلي وزير الداخلية وقت إطلاق الرصاص على يوسف وضد ضباط شرطة قسم السلام متهمًا إياهم بالتسبب في وفاة موكله؛ وحمل البلاغ رقم 4500/2011 عرائض النائب العام، وطالب المحامي بمعاش لأسرة موكله مستندًا على تقرير مستشفى الدمرداش القائل بأنه دخلها “مصابًا بطلق ناري بالصدر أدى إلى تهتك في الفقرات الظهرية، مما أدَّى إلى تأثر الحبل الشوكي وهبوط في الدورة الدموية والقلبية ثم الوفاة”.
لاحقًا وفي 26 من يونيه/حزيران 2012م أصرت والدة يوسف على مقابلة الرئيس الراحل محمد مرسي في القصر الرئاسي ضمن 25 من أهالي الشهداء وطالبته بإعادة محاكمة قتلة الثوار وتحقيق المطالب التي دفعوا حياتهم في سبيلها من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية؛ وهو ما وعد الرئيس الراحل بالاستجابة له. غير أن محكمة مصرية برأت حبيب العادلي ورئيسه حسني مبارك من تهمة إطلاق النار على المتظاهرين في أحكام مختلفة.