مهاب علي حسن
مهاب، 19 سنة، شاب مصري نشأ وترعرع في شارع جانبي من حي شبرا القاهري المزدحم؛ فرأى صورًا كثيرة للفقر والعوز والحرمان الذي يعانيه المصريون. ورغم حداثة عمره الذي لم يتجاوز 19 عامًا و5 شهور و8 أيام فقط عند رحيله بيوم جمعة الغضب في 28 من يناير/كانون الثاني 2011م؛ إلا أن آلام المحيطين به صهرته.
ورغم كونه ابنًا واحدًا لأب بسيط مع ابنتين هما رحمة ونهيلة إلا أنه تعلم الرجولة مبكرًا فبحث عن طريق للخلاص من حكم حسني مبارك الظالم، وجاءته الفرصة باندلاع الثورة التونسية؛ إذ تابع أحداثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع صديق له اسمه أحمد، واستفاد من نصائحه الثورية.
والد مهاب علي حسن كان يعامله كصديق؛ ولذلك عندما عرف رغبته في النزول يوم 25 يناير، اقتنع الاب ونزل الشارع معه؛ فصليا الجمعة واصطحبا حقيبة بها الخل لمواجهة قنابل الغاز وأيضًا جهاز محمول بكاميرا لتوثيق أحداث الثورة.
حاول الضباط في شبرا منع الأب والابن إلا أنهما تحججا بالذهاب لمقر عمليهما في محل أحذية قرب ميدان التحرير؛ فلما وصلا لمشارف الميدان شاركا بمسيرة واجهت أصنافًا من التصدي الأمني؛ واستمر مهاب في تصويرها؛ فيما تعب الأب وأراد العودة للاطمئنان على ابنتيه. فضّل مهاب الاستمرار ومقابلة صديق له اسمه محمد فهيم؛ وما إن وصل الأب للبيت حتى علم بإصابة ابنه.
في مستشفى الإصلاح الاجتماعي بشبرا رأى الأب صديق ابنه شهيدًا؛ وما لبث أن أخبره الطبيب بأن مهاب استشهد (هو الآخر) برصاصة في الكتف وأخرى مُميتة في القلب نتيجة مواجهات مع الأمن بمسيرة بشارع شبرا.
بعد أن أفاق والد الشهيد قليلا قرر المضي على الطريق الثوري الذي تعلمه من ابنه فأصر على استلام تقرير وفاة بحالته الحقيقة؛ ورفض محاولات النيابة كتابة سبب آخر؛ حتى وافق النائب العام، وفي اليوم التالي أُبدِلَ جثمان مهاب بجثمان صديقه محمد دون قصد، فصلى أهل الأخير عليه، ثم صلى عليه أهله ثانية.
وعلى طريق مهاب سار أبوه بعد أشهر من الاكتئاب والعلاج لينفذ وصية ابنه بالعمل على تنفيذ مطالب الثورة؛ وهكذا عرفه الميدان في جميع المواقف الصعبة؛ وأيضًا الندوات والمبادرات؛ أنشأً رابطة شهداء الثورة باسم أصحاب الدم والهم؛ وأيضًا شارك في حزب الدستور؛ وهو (أيضًا) من مؤسسي جبهة طريق الثورة الشاملة لكل التيارات الإسلامية، كما برز كمحلل سياسي.
اعترف الثوار بالفضل لمهاب فسيروا مسيرة ضخمة باسمه لميدان التحرير في ذكرى وفاته الأولى، وسعى أبوه لنيل معاش استثنائي عنه بعد 3 أشهر من استشهاده؛ كما لقي الرئيس الراحل محمد مرسي بعد تنصيبه في يوليو/تموز 2012م؛ وأثنى على اللقاء الذي ضمه مع أهالي شهداء الثورة، وقال إن الرئيس وعدهم قبل تنصيبه بالعمل على استعادة حقوق الشهداء.
غير أن والد الشهيد مضى في اتجاه مضاد للثورة لم يلبث أن عاد وأعلن ندمه واعتذاره عنه، فكان من الداعين لأحداث 30 يونيو 2013، كما جمع استمارات لحركة تمرد بلغت 5 آلاف استمارة؛ لينسحب بعد أسبوعين فحسب من الانقلاب معترفًا بأنه انقلاب ضم الطابور الخامس المعادي للثورة؛ كما عبر عن شعوره بأن الأمر “عداء للإسلام وليس للتيارات الإسلامية”.
كما اعترض على تسيس القضاء وظلمه الثوار بخاصة الفتيات ومحاباته للرئيس المخلوع مبارك؛ وأيضًا دعا إلى مقاطعة مهزلة الانتخابات الرئاسية الأولى في 2014م.