مصطفى زينهم ربيع الخطيب
مصطفى زينهم ربيع الخطيب (23 عاماً) شاب كان معروفًا بمحبة الناس له حتى أن والدته السيدة منى أحمد تقول إن عزائه استمر ثلاثة أيام وحضره معزون من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية له.
كان يأمل في أن يكون محاميًا مشهورًا؛ وبالفعل التحق بـ”كلية الحقوق” ووصل للفرقة الثالثة؛ ولكي يساعد أباه في تربية أخويه طارق ويوسف عمل مصطفى في محل لبيع أجهزة المحمول قريبًا من بيتهم في 9 شارع أحمد الوكيل بدار السلام؛ وكان يأمل أن يدخر مبلغًا يخطب به “مروة” الفتاة التي أراد قضاء عمره معها، لولا أن الأقدار لم تمهله.
شارك في أحداث الثورة؛ ويوم “جمعة الغضب” عاد إلى بيته قرب السادسة مساءً؛ وجد أخاه يوسف الصغير (5 سنوات) يستذكر دروسه فوعده كعادته بإحضار “حاجة حلوة” له؛ وأخذ معه نظارة ظن أنها ستقيه من رصاص قناصة العيون؛ ولما أخبره اصدقاءه أنها لا تصلح ألقاها في حوش منزلهم.
لم يخبر مصطفى أمه بعودته للتظاهر لكيلا لا تقلق؛ وقرب الميدان انقطعت بأصدقائه وبه الطرق ليجدوا أنفسهم أمام “مجلس الشعب” في “شارع القصر العيني”، وفي خضم مقاومة الشرطة وقنابلها المُسيلة للدموع وجد إحداها أُلقيتْ مشتعلة على الثوار؛ فمال ليلتقطها بيده محاولًا إعادة إلقاءها على عناصر الأمن مجددًا؛ لكن الأخيرينَ بادروه برصاصة في جانبه خرجت من ظهره؛ فلما رأوه قام معتدلًا ثانية بادروه برصاصة في القلب اخترقت الرئة.
أسرع بالشهيد ابن خالته كريم إلى “القصر العيني الجديد” (الفرنساوي)، ولما أعتذر الأطباء بعدم وجود إمكانيات بالمستشفى لعلاجه؛ ذهب به لـ”القصر العيني القديم”؛ وهناك أُودعَ مصطفى بالعناية المركزة؛ وطلب من ابن خالته ألّا يتركه؛ لكن الأخير تركه قبيل منتصف الليل ليخبر أهله نظرًا لقطع السلطات حينها جميع أنواع الاتصالات بما فيها الهاتفية.
عندما علمت أسرته بإصابته هرعت إلى المستشفى؛ وهناك اكتشفوا استشهاده ليتم دفنه في مقابر “حي البساتين”.
يقول طارق شقيق الشهيد، وأحد الأعضاء المُمثلين لأهل الشهداء فى لجنة تقصى الحقائق فى قتل المتظاهرين لإحدى الصحف: “إنه أحس بالجدية فى عهد (الرئيس) مرسى حينما شكل اللجنة (لتقصي الحقائق) وأنهم وصلوا فى هذه اللجنة إلى حقائق كثيرة … لكن ما عطلنا كثيرًا أن الشرطة لم تتعاون معنا فى أى شيء؛ … أما منذ ٣٠ يونيو وحتى اليوم (بداية عام 2014م) فلم يتصل بنا مسؤول أو يحاول أن يبحث معنا حق أبنائنا”.
أما والدة الشهيد فتضيف: “ولكن الأكثر إيلاما من كل هذا أن تسمح الدولة لبعض الإعلاميين بأن يقولوا على ثورة أبنائنا إنها ليست ثورة، وإن الثورة الحقيقية هى ثورة ٣٠ يونيو، يعنى بيقولولنا ولادكم ماتوا من غير تمن ولا هدف، ما بقتش أفتخر زى الأول وأقول إنى أم شهيد، لإنه بقى أول سؤال الناس تسأله: قبضتوا فلوس قد إيه؟”.
لم يمنع كل هذا والد الشهيد من صنع ثلاجة مياه كسبيل أمام بيته يشرب منه العابرون؛ وكلما تحطمتْ جددها بما تصفه والدة الشهيد بقولها: “إحنا عارفين إنه (مصطفى) مش محتاج للخير، بإذن الله هو شهيد، لكن إحنا فى كل ذكرى له بنطلع صدقة على روحه، وفى أول يوم رمضان من كل سنة والده بيدبح عجل ويوزعه على الفقراء، ما هو لو كان عاش كان هيعمل خير يقعد له، إحنا بنحاول نعوضه عن الخير اللى حرموه إنه يعمله”.