محمد فريد محمود أنور حمدان

محمد فريد محمود أنور حمدان أحد أبناء قرية منشأة العباسة التابعة لمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، تلقى تعليمًا متوسطًا لم يجد بعده مهنة مناسبة يعمل بها فاشتغل كعامل للبناء، أو كما يُعرف في مصر بـ”الفاعل” أو مَنْ يحمل الطوب والمونة من أسمنت وجبس على كتفيه؛ ورغم أنه كان يساعد والده العامل البسيط بـ”مدرسة منشأة العباسة الابتدائية” في الإنفاق على ستة إخوة هم: عبد الله، عبد الرحمن، فايزة، رانيا، حنان، جميلة، ووالدته السيدة ثريا محمد عطية؛ كما كانت لمحمد أسرة تضم زوجته السيدة إلهام، السيد ويارا توأم 10 أعوام، وأحمد 8 سنوات؛ بالإضافة إلى حمل زوجته في جنين لم ير النور حينها، رغم كل هذا إلا أنه فضل الاشتراك في المظاهرات بمدينة الزقازيق ضد نظام مبارك في 28 من يناير/كانون الثاني 2011م “جمعة الغضب” لشعوره بالظلم الشديد.

بعد تخرجه من المدرسة الثانوية الصناعية الفنية بحث عن عمل مناسب في مصر فلم يجد، فاضطر إلى السفر إلى إيطاليا ليقضي عامًا هناك لايجد فيه عملًا من الأساس؛ ويُضطر لبيع كل ما يملك ويستدين ليظل على قيد الحياة ويستطيع العودة لبلده.

تم القبض على محمد في الشرقية أثناء مشاركته في الثورة واعتقلته مباحث أمن الدولة لمدة يومين لتفرج عنه في 30 من يناير/كانون الثاني التالي؛ ليزداد شعوره بالمرارة والقهر فيقرر جمع قرابة 50 شابًا من قريته والنزول للتظاهر في “ميدان التحرير” في 2 من فبراير/شباط الذي شهد “موقعة الجمل”؛ فتوسلتْ إليه والدته بألّا يسافر لإنه مَنْ يُنفقُ على أبنائه ويساعد إخوته بالإضافة إليها وزوجته الحامل؛ ولكنه قال لها: “خليها على الله ياحاجة”.

ظل يدافع عن الميدان يوم “الأربعاء الدامي” ضد هجمات البلطجية بالخيل والجِمال من أتباع وفلول النظام؛ وحينما جاء المساء يقول أصدقاؤه الثوار إنهم كانوا معه في “لجنة شعبية” لحماية الميدان من ناحية مدخله الرئيسي في اتجاه ميدان “عبد المنعم رياض”، وفوجئوا بإصابته بطلقة قناص في البداية أصابت قلبه، ثم لم يلبث بعد سقوطه أن التحم به مجموعة من البلطجية ليجردوه من ملابسه ويطعنوه بالسلاح الأبيض عدة طعنات نافذة.

نقله المحيطون به إلى مستشفى القصر العيني عقب إصرار البلطجية على تركه ينزف لمدة ثماني ساعات ومنع إسعافه؛ وهناك أصيب بغيبوبة وتقول والدته إنه ظلت إلى جواره لمدة عشرة أيام تدعو الله كي يُنجيهُ ويسترد وعيه: “ولكن قدر الله (سبق) بأن يكون من الشهداء”.

يوم السبت 12 من فبراير/شباط وعقب يوم واحد من تنحي مبارك أسلم الشهيد روحه إلى بارئها؛ وبعد صلاة الظهر وبحضور قرابة عشرة آلاف شخص من أهالي الشرقية تم دفنه بقريته منشأة العباسة؛ حيث تقدم الجنازة عدد من علماء الدين حاملين أعلام مصر، واختلطت دموع الحزن بالتكبيرات حمدًا لله على رحيل مبارك.

وفي 29 من أبريل/نيسان التالي على استشهاد محمد طالب أحد أخوته بضرورة تنحي القاضي المستشار رئيس محكمة جنايات القاهرة عادل عيد السلام جمعة، الذي يحاكم وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وعدد من المتهمين الضالعين في قتل الثوار عمدًا؛ نظرًا لإنه مشارك في وقائع فساد، بحسب رأي شقيق الشهيد.

لاحقًا تمت تبرأة قتلة الثوار بخاصة بعد التحول السياسي الذي شهدته مصر في بداية يوليو/تموز 2013م.

المصادر:

1ـ شهيد منشأة العباسة الشهيد محمد فريد انور حمدان ـ مدونة قرية العباسة ـ 21 أبريل 2011م.

2ـ بالصور.. فى ذكرى 25 يناير.. والد أول شهيد: نتمنى تخليد ذكراهم.. ووالدة آخر: الدولة وضعت اسم ابنى على مدرسة كزينة واسمها الحقيقى مدرسة مبارك.. والأسر: كنوز الدنيا لن تعوضنا فراق فلذات الأكباد ـ اليوم السابع ـ 26 يناير 2014م.

3ـ أهالي شهداء الثورة يطالبون بتنحي “جمعة” ـ إخوان أون لاين ـ 29 أبريل 2011م.