محمد عبد العظيم فاروق محمد/حُمّص
محمد عبد العظيم فاروق محمد هو الابن الأكبر لأب يعمل بعدد من المهن منها: صاحب فرقة موسيقية وموظف بمكاتب خدمة المواطنين لأعضاء بالبرلمان، ومع إصابته بمرض السكر في مرحلة متقدمة فضّل مُحمّد مساعدته في تربيته وأخته خلود الأصغر منه بعام واحد؛ ولذلك كان يعمل في أي مهنة يجدها مناسبة ولا يعود إلى بيت العائلة في حي “الزاوية الحمراء” إلا مساءً.
تدّرج في تعليمه حتى وصل للصف الثاني الثانوي الفني التجاري، حبّه لكرة القدم جعله ينضم لـ”نادي اتحاد الشرطة” ويلقب بـ”حُمّص” (لاعب كرة معروف)؛ أحب أيضًا حضور الحفلات الموسيقية بخاصة للمغنين الشعبيين؛ ولم يكن له انتماء سياسي أو حزبي.
لمَا قامت الثورة رفض والده اشتراك محمد فيها على الإطلاق، وشغله معه في تجهيز ابنة خالته اليتيمة الأب للزفاف مساء الخميس السابق لـ”جمعة الغضب” مباشرة؛ وأيضًا في تجهيز جنازة لأحد الجيران الأقارب صباح الجمعة، لكن بعد ظهر 28 من يناير/كانون الثاني 2011م؛ حرص عمّه أيضًا على عدم ابتعاده عن المنزل؛ فغافل محمدٌ أهله وذهب إلى “قسم شرطة الزاوية”.
وجد نفسه أمام موقف لم يره من قبل إذ كان أمين الشرطة محمد السُّني المقيم في “الزاوية” أيضًا؛ والذي عرفتْ مصر أخباره بقوة بعد الثورة؛ يشارك الضابط علاء عادل إطلاقِ الرصاص محاولينِ تفريق المتظاهرين القادمين من “كوبري الساحل” القريب من القسم، والراغبين في السير إلى “حي غمرة” ومنه إلى “ميدان التحرير”.
أخذت مشاعر الشهيد الشهامة فأخذ يحاول إسعاف الشهداء والمصابين؛ وما إن رفع ثاني مصاب حتى فوجئ برصاصة تنفذ من خلف أذنه من جانب رأسه الأيمن وتستقر في المخ، كانت الإصابة الخطيرة عند الساعة السادسة والنصف مساءً، وعلى الفور أخذه أحد الثوار إلى مستشفى بعيد نسبيًّا.
وصل الخبر لأبيه بعد قليل فاسرع إلى مستشفيات مختلفة منها: “جراحة اليوم الواحد” بـ”الزاوية”، و”السيد جلال” بحي “باب الشعرية” القريب، و”القصر العيني”؛ وهناك هاله وأخوه حلمي كَمَّ الشهداء الذين لا يجدون مكانًا كريمًا لائقًا بهم بعد امتلاء ثلاجتي المستشفيينِ الأخيرينِ بالجثامين.
صباح السبت اضطر أحمد شقيق الشهيد من أمه إلى التدخل بدراجته النارية (المُوتسيكل) والذهاب لأكبر عدد ممكن من المستشفيات حتى وجد مُحمّدًا في “مستشفى الدمرداش” التابعة لـ”كلية طب جامعة عين شمس” قريبًا من “حي العباسية”، فأبلغ والد الشهيد بأن الأخير بخير؛ لكنه لما حضر للمستشفى وجد ابنه في حالة يُرثى لها؛ إذ كان فاقدًا للوعي تمامًا؛ وفي حالة موت جسدي أو أكلينكي أو سريري .. فيما لم تخرج روحه بعد؛ وتعمل الأجهزة الطبية على الحفاظ على حياته.
طلب الأب من الطبيب تقريرًا بالحالة لينقل محمدًا لمستشفى آخر بإمكانيات أكبر فرفض الطبيب قائلًا إن الحالة لا تسمح؛ فطالبه الأب بنزع الأجهزة عن ابنه وتركه يموت في هدوء؛ فأكد الطبيب أنه أقسم على يمين حين التخرج يمنعه من ذلك حتى يموت المريض بتوقف جذع المخ منه.
وفي التاسعة من صباح الأربعاء التالي 2 من فبراير/شباط فاضتْ روح الشهيد؛ ليتهم أبوه السُّني أمين الشرطة وصديقه القديم بقتل ابنه؛ بخاصة أنه شدّد على أن مُصابين رأوه يُبادر بإطلاق النار من سلاح آلي مع ضابط بلا سبب ولا مهاجمة من الثوار، وأكد استمرار قتل الثوار حتى منتصف الليل وعدم انتهاء الموقف إلا بحرق القسم من جانب رجاله.
لاحقًا تم صدور حكم على السني بالإعدام لقتله 17 شهيدًا؛ ولكن في 24 من سبتمبر/أيلول 2016م تمتْ تبرأته من محكمة النقض في حكم باتٍ غير قابل للطعن.
المصادر:
(1)ـ حلقة دعوة على السحور مع أسرة الشهيد محمد عبد العظيم ـ قناة الجزيرة مباشر مصر في أغسطس 2011م.
(2)ـ لا تنسوهم .. أكثر من ألف شهيد ارتقوا في ثورة “25 يناير” وأسقطوا مبارك وللأسف لم يسقط نظامه بسبب الخونة من المجلس العسكرى ـ منظمة إعلاميون حول العالم ـ 24 من يناير 2017م.
(3)ـ براءة أمين الشرطة محمد السني من قتل المتظاهرين.. نجا من 17 حكما بالإعدام ـ موقع أخبار الحكاية ـ 24 من سبتمبر 2016م.