محمد طلبة سالم القزاز
محمد طلبة سالم حسنين القزاز٬ 47 عاماً، ولد في قرية السناهرة بمركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة٬ كان يعمل وكيل مدرسة في محافظة البحيرة وكان متزوجاً وله أربعة من الأبناء هم هاجر، آلاء، أحمد، شروق٬ قتل في مذبحة رابعة العدوية.
عرف طلبة بحسن الخلق وطيب المعاملة، كما كان أبًا مثاليًا بشهادة أبنائه، إذ كان لهم صديقًا يصاحبهم ويحنو عليهم، قبل أن يوجههم أو يعاقبهم، وكان يهتم بتربيتهم على الالتزام الدين ويحببهم في أداء الصلاة في وقتها، وكان دائمًا يوقظهم لأداء صلاة الفجر، و يرغبهم في عمل الخير.
كما كان يساعد الناس ويقدم خدماته لهم، ويساهم في تنظيم المعارض الخيرية للمواد الغذائية التي كانت تقدم سلعًا متميزة بأسعار تناسب الفقراء ومحدودي الدخل.
وتقول ابنته هاجر “كان والدي مثاليًا في كل شيء، ولم يكن أبًا فقط، وإنما كان أيضًا صديقًا وأخًا، ولم يكن له مثيل، وكنت أتحدث معه في كل شيء بصراحة وبدون خجل، فقد أعطانا حرية الحديث والتعبير عما بداخلنا دون خوف أو تردد.”
تصفه زوجته سميرة أحمد بقولها ” زوجي رحمه الله من الأتقياء الأنقياء، ولا أزكيه على الله تعالى، فقد كان يعاملني بكل رقة وحنان واحتواء، لم يكن قاسيًا متسلطًا، وكان زوجًا مثاليًا يساعدني في كثير من الأوقات في أعمال المنزل ولا يشق عليّ.”
أما عن معاملته لأولاده فتضيف زوجته “كان يربي أولاده على تحمل المسؤولية والاجتهاد ويسعى دومًا إلى أن يكونوا صالحين ومتفوقين. كما كان بارًا بكل أهله. ويقضي حاجة جيرانه وأصدقائه، يأتي إليه الكثيرون ليساعدهم في حل مشكلاتهم، ولم يكن يتأخر عن مساعدة أحد.”
وتؤكد ابنته هاجر ايضا على نفس الرؤيا التي رآها أبوها قبل وقوع المذبحة بثلاثة أشهر حيث قال لهم٬ أنا رأيت رؤيا فيها رسول الله والملائكة، وقال: إنني سأموت شهيدًا، وإذا حدث ذلك فإنني أتمنى أن أرى من قتلني لأشكره على أنه كان سببًا في نيل الشهادة.
أما ابنته شروق فتقول كان ابي دائمًا يحدثنا عن الصلاة ويحببنا فيها وفي عمل الخير، ويشجعنا على صلاة الضحى. كما كان صديقًا لنا وليس فقط أبًا وكان يوقظنا لصلاة الفجر ويردد معنا الأذكار، ويعلمنا القرآن، ويشرح لي ما لا أفهمه من الدروس.
أما عن تفاصيل الوفاة٬ فتحكي زوجته ما حدث “شارك زوجي في اعتصام رابعة العدوية منذ بدايته. وفي يوم المذبحة كنت في شدة القلق وأنا أتابع اقتحام قوات الأمن للميدان منذ الصباح وإطلاق الجنود النار على المعتصمين وسقوط القتلى والجرحى. عندها حاولت الاتصال به لكني لم أتمكن حتى وجدته يتصل بي في الظهر، وقال لي: ادعوا لنا، قالها ثلاث مرات، فبكيت وقلت له انتبه على نفسك، وبعدها لم أتمكن من التواصل معه؛ فكانت تلك الكلمات الخاطفة آخر ما دار بيننا من حديث؛ حتى أخبروني باستشهاده في آخر اليوم.”
وهنا تتذكر ابنته آلاء مشهدا قبل وفاة ابيها فتقول٬ روى لنا أحد المعتصمين في رابعة أن أبي قبل وفاته بنصف ساعة كان لا يكلم أحدًا، وكان واقفًا يقرأ القرآن والأذكار ويصلي. وكان دائمًا يقول لأهله وجيرانه وزملائه إن الثورة المضادة وفلول نظام مبارك يسعون من خلال الإعلام إلى تشويه وقلب الحقائق لإثارة الناس بدون وجه حق ضد الرئيس المنتخب، وكان يحثهم دائما على عدم الالتفات للحملات الإعلامية التي تقوم بهذا الدور المشبوه وإلى المشاركة في الاعتصام بميادين الحرية دفاعًا عن الثورة.
استطاع أصدقاءه نقل جثمانه من الميدان، ليصل لاحقًا إلى قريته بمركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة؛ حيث خرجت القرية كلها لتوديعه إلى مثواه الأخير 16 يونيو 2013 عقب صلاة الجمعة من مسجد التقوى بالسناهرة، وكانت الجنازة أشبه بالتظاهرة ذات الحشد المهيب، وردد المشيعون من أسرة وأصدقاء وجيران الشهيد محمد طلبة هتافات تندد بالانقلاب العسكري.