محمد شريف محمدي أحمد منصور
محمد الشريف، 21 سنة، طالب في السنة النهائية في كلية الحقوق جامعة عين شمس، وفي نفس الوقت كان يعمل موظفً في الإدارة الهندسية في شركة خالدة للبترول، لم يكن ذلك نتيجة لحاجة مالية، بل كان اتباعاً للطريقة التي رباه عليها أبيه، الاعتماد على النفس منذ الصغر. عمل محمد مع أبيه في المقاولات ولأخلاقه واجتهاده طلبت إحدى الشركة توظيفه لديها بشهادة الثانوية، فالتحق بالعمل بها، وكان ينوى الاستمرار فيها بعد تخرجه، وكان يدرس ويجتهد في نفس الوقت ويحصل على درجات “خرافية” كما قال أخاه مدحت الشريف في حوار مع “قتل في مصر” جرى من خلال وسائل التواصل الإجتماعي. يقول مدحت: “كنا في مدارس كويسة وبيت كويس بفضل الله مش محتاجين حاجة، لكن بابا علمنا نحب الشغل ونعتمد علي نفسنا.”
محمد تكبره شقيقته الوحيدة بعام واحد ويصغره مدحت بأربعة أعوام، ويحكي مدحت عنه أنه عندما كان يذهب لأي مكان ويعلم الناس أنه شقيق محمد الشريف “كنت بتشال من على الارض شيل”.
يرسم الأخ الأصغر الذي فقد شقيقه الوحيد صورة جميلة لشقيقه: ” كان جدع جدا، وراجل، وحنين، وبهجة البيت، يهزر مع الكبير والصغير، وفي نفس الوقت متوفق في شغله، وكان الأقرب لوالدتنا لحنيته.”
رحل والده محمد قبل عامين، أما والدته فقد أجريت عمليتين للقلب المفتوح حزناً على محمد، وتصل تكلفة علاجها الآن إلى أكثر من أربعة آلاف جنيه شهرياً، وتم صرف معاش شهيد لمحمد، لكنه بسحب الشقيق الأصغر، لا يصل لربع قيمة تكاليف علاج الوالدة.
أما الجانب العاطفي في حياة الشهيد، فقد كان مرتبطاً بفتاة ومتفقين على الارتباط الرسمي بعد انتهائه من الدراسة الجامعية، وكان رياضياً يلعب في فريق طلائع الجيش لمدة سبع سنوات قبل مقتله.
لماذا قُتل محمد؟
بشهادة شقيقه الأصغر وشهادة الصديق المقرب “محمد علاء”، لم يكن للشهيد محمد أي نشاط سياسي، كان مهتم بعمله وبأسرته، يقول الصديق: “محمد كان جدع جداً، وصاحب صحبه، مشكلته أنه ماكنش بيخاف من أي شئ.”
يوم جمعة الغضب كان الصديقان يجلسان في مكتب بلاي ستاشن يملكه الصديق، وفي نفس الوقت يشاهدون ما يحدث في ميدان التحرير من خلال التليفزيون. يقول الصديق:” فجأة لقيته قام وقال أنا رايح أشوف إيه بيحصل على الواقع، قلت لا لأ، جبت له رزق بلبن وطلبت منه يأكله، تركته دقيقة لقيته مشى، ندهت عليه قال جاي تاني، وبعدها بساعتين سمعنا الخبر إنه أصيب في رأسه عند قسم الساحل.”
ذهبت الأسرة للمستشفى التي رفضت في البداية إصدار تصريح الدفن مكتوب فيه السبب الحقيقي للوفاة، لكن بعد نزاع تم استخراج التصريح مكتوب فيه أن الوفاة بسبب إصابة برصاص حي، لتقيم الأسرة العزاء لمدة ثلاثة أيام، ولم يتوقف المعزون عن الحضور لمنزل محمد لتعزية أسرته لمدة عام كامل كما يقول الشقيق الأصغر الذي يقول أن الجميع يفتقده لليوم، وأن أصدقاء محمد لليوم يزورون والدته في البيت. “محمد كان أخويا الكبير وسندي، وأحلى حاجة في الدنيا، لما كان يبقى تعبان، كان الجميع يحزن، لأنه كان سبب للبهجة.”