محمد راشد درويش محمد
محمد راشد درويش (23 سنة) من أبناء محافظة بور سعيد بمنطقة قناة السويس، وأحد شهداء شباب الثورة، وقد تعرفت أسرته على جثته بصعوبة بالغة نظرا لوجود 80 طلقة رصاص في جسده، أطلقت عليه من على بعد متر واحد تقريبا، كما يؤكد ذلك تقرير الطبيب الشرع أنه أُصِيبَ: بـ”80 طلق ماسي وغربلي (مطاطي) مُنتشرٌ في جسده، منها 50 طلقة في الرأس من خرطوشتين ناريتين من على بعد مترٍ واحد تقريبًا من ماسورة طويلة لسلاحينِ مختلفينِ”.
تقول والدة محمد بهيجة أحمد صالح (50 عامًا) -وهي تعمل إدارية بالتربية والتعليم بإحدى مدارس محافظة بورسعيد-” كأنهم يضربون كتيبة، وليس شخصًا أعزل من السلاح، لم تكفهم رصاصة واحدة لقتله، بل (إن) الرصاص مُنتشر في أنحاء جسده بوحشية ودون رحمة، لا توجد آثار لمادة حارقة في يد ابني تفيد بأنه كان يقاومهم..، فلماذا قتلوه”.
كان يُنفق معها على إخوته الثلاثة، من خلاله عمله بجانب الدراسة، رغم أنه ليس أكبر أخوته؛ إذ أن والداه منفصلان منذ 15 عامًا؛ وكانت دراسته في كلية الآداب بقسم اللغة الإنجليزية في بورسعيد ساعدته على الانفتاح على المواقع الإخبارية الأجنبية، مُتشبعًا بمعاني الحرية حزينًا على توصيل الغاز والأسمنت لإسرائيل بسعر بخس؛ ولذلك تمنى السفر إلى ميدان التحرير؛ فأقترحتُ عليه طلب مال من والده فرفض.تضيف والدته: “خرج محمد مع إخوته الثلاثة يهتفون بسقوط النظام الذي لا يعرف الله ولا الرحمة”. فمنذ البداية اشترك الشهيد بالثورة قائلًا بإنه ليس أفضل من أي شاب في مصر فـ”كلنا ننادي بمطلب واحد، هو الحرية والعدالة وإسقاط النظام”.
بعد نزوله بساعة واحدة تروي والدته، أيضًا، نقلًا عن قناة الجزيرة: “فى يوم 28 يناير 2011 (يوم جمعة الغضب)، خرج عقب صلاة الجمعة، وانتابنى شعور بالخوف والقلق … وكأن الله يخبرنى أننى سأفقد ابنًا من أبنائى، وفى منتصف الليل شعرت برهبة وخوف لم أشعر بهما طوال عمرى؛ فأسرعت بالاتصال بمحمد للاطمئنان عليه وعلى إخواته”.
وتُسهب:”فاجأنى شخص آخر على الهاتف؛ فإذا بي مُتلهفة أسأله فين محمد يابني؟ فقال لى بصوت حزين: حضرتك والدة محمد راشد؟ قلتُ له أيوه يابني فيه إيه؟ فقال لى تعالي حالًا المستشفى الأميري، وذهبتُ مسرعة وأنا أكذب قلب الأم وأحاسيسها؛ وفور دخولي قسم الطوارئ بالمستشفى العام فوجئتُ بنبأ وفاة واستشهاد فلذة كبدي”.
ومع تسليمها بقضاء الله فإن والدة الشهيد حزينة للتباطؤ في أوراق النيابة التي تثبت حق ابنها بخاصة عدم حصولها وأسرتها: ” .. على المبالغ التي وعدت بها الحكومة والمؤسسات الاجتماعية، أنا لا تكفيني ملايين العالم مقابل رؤية ابتسامة ابني مرة أخرى”.
واستطردتْ: “محمد لم يكن بلطجيًا ولم يكن يخرب فى مصر وإنما كان يحاول إنقاذ صديقه (كريم)، الذى أصيب بطلق مطاطي من قبل الداخلية بلطجية النظام السابق”.
وشددتْ على أنها لم يعد لديها أمل فى القصاص لأن الجميع أهدر دم ابنها وفرطوا فى حقه، ولم يعد بوسعها إلا أن ترفع أكف الضراعة إلى الله، قائلة: “اللهم اجمعني معه في الفردوس، وارزقنا الشهادة وحسبنا الله ونعم الوكيل”.
ومع رضاها بقضاء الله، فإن الأم المكلومة حزينة للتباطؤ في استكمال الإجراءات الخاصة بوفاة ابنها
وتعلق بحزم أخيرًا: “لن أرتاح ويهدأ قلبي المفطور على ابني، إلا عندما نشعر بالعدالة والمساواة، وتنال اليد الخسيسة التي طالتِ ابني وأوقعته شهيدًا عقابها”.
لاحقًا رثتْ السيدة بهيجة حق ابنها الضائع في أروقة القضاء في ذكرى استشهاده الثالثة بقصيدة “نحن كل جثامين الشهداء” جاء فيها:
“نحن كل جثامين الشهداء
نرفض أن نبقى سجناء
فى أرض تحكمها الأهواء
أضاعوا دمنا فى بهو قضاء”.
المصادر:
1ـ والدة الشهيد محمد راشد: لم أعد أطالب بالقصاص ـ هبة وصفي ـ فيتو ـ 16 من أبريل 2013م.
2ـ سر إدانة مبارك ـ جهان بدر ـ محيط ـ 6 من نوفمبر 2014م.
4ـ الشهيد محمد راشد درويش 80 طلقة فى جسدة الطاهر .. حتى لاننسى صفحة الحق والحرية على الفيسبوك ـ 28 من ديسمبر ٢٠١١م.
/
5ـ صور وفيديو| والدة أول شهداء الثورة ببورسعيد تنعيه بقصيدة ـ هبة وصفي ــ دوت مصر ـ 28 من يناير 2015م.