محمد جمال أحمد ابراهيم سليم
محمد جمال أحمد إبراهيم سليم .. شاب مصري كان الابن الأكبر لأب يعمل عطارًا في أحد المحال، ووالدة طيبة كان شديد الشبه بها وآخ وحيد اسمه أحمد؛ بعد إنهاء محمد تعليمه المتوسط وحصوله على “دبلوم الصنائع ” من مدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية قرر السفر لدولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2009م؛ بعد أن ضاقت عنه سُبل العمل في مصر.
بعد عام وفي نهاية عام 2010م عاد إلى مصر باحثًا عن شريكة لحياته ومشروع صغير يُدر عليه بعض المال؛ ثم ما لبث أن اندلعت الثورة؛ فقرر المشاركة فيها منذ يومها الأول بالمنصورة؛ وكان يقول لأبيه وأخيه الوحيد أحمد والعائلة كلها: “تعالوا وشاركوا علشانا وعلشان البلد …”.
ورغم إرهاقه الشديد في أحداث “جمعة الغضب” نظرًا لإصابته من الضرب المباشر من عناصر الأمن العلنية والمُندسة بين الثوار؛ وكذلك من تأثير القنابل المُسيلة للدموع؛ ومحاولته تلاشي الرصاص المطاطي؛ إلا أنه قرر في اليوم التالي النزول وإكمال مشاركته في الثورة.
يوم السبت 29 من يناير/كانون الثاني 2011م قرر محمد أن يُشكلَ مع أصدقائه درعًا بشريًا لحماية “مديرية أمن الدقهلية” أثناء مرور المظاهرات أمامها؛ وتقول والدته عمّا حدث: ” .. محمد كان في المظاهرات في (شارع) الجلاء جمبنا (بجوارنا) اتصلت بيه الساعة 9 وقال لي أنا جاي يا ماما”.
ويضيف أبوه:”أنا كنت في المحل وحد (أحد المتظاهرين) كلمنا، وقالنا محمد تعبان شويه، نزلت أجري في الشارع، ونسيت حتى اسأل هو في مستشفي إيه .. رجعت تاني لأخوه؛ واتصلنا بتليفونه (محمد) رد علينا واحد قالنا محمد في المستشفى الدولي، رحت أنا وأخوه وأعمامه لقيناه في المشرحة”.
كان ظَهْرُ الشهيد لمديرية الأمن ووجهه للمتظاهرين حاملًا لافتة مكتوب عليها: “لا للتخريب”؛ فأصيب بخرطوش في مؤخرة الرقبة؛ بالإضافة إلى العشرات من الطلقات المطاطية مع انتشار الشظايا في الظهر؛ وأكد تقرير المستشفى ذلك.
بعد رحيله نفذ أبوه وأهله وصيته بالمشاركة في المظاهرات من أجل الشهيد ومن أجل مصر، كما كان يطالبهم في حياته، وبقول أخوه أحمد:” .. بعد ما اتقتل (محمد) علي أيد الشرطة .. أسرتنا وأسرة والدي ووالدتي؛ كنا جميعنا ننزل إلي المظاهرات يوميًا؛ حاملين صورة محمد لنُذكَر بشهدائنا وحقوقهم؛ وشاركنا بعد رحيل القاتل (حسني مبارك) واحتفل الجميع بنا”.
أما والد الشهيد فأضاف: “أنا روحت (ميدان) التحرير اعتصمت هناك لغاية لما رحل (مبارك) عن البلد؛ الحمد لله عشان حق ابني وأخواته اللي راحوا (استشهدوا)؛ الفرحة ما كانتش سيعانا يوم التنحي (11 فبراير)…”.
لكن آمال والد الشهيد خابتْ بعد أحكام تبرأة قتلة الثوار فصرح في بداية ديسمبر/كانون الأول 2014م لإحدى الصحف: “كنت في انتظار القصاص ممن أهدر دم ابني وكل الشهداء؛ لكن الحكم بالبراءة جاء بالصدمة بعد حكم (مبارك) و30 سنة فساد، وكانت نهاية ذلك براءتهم حسبي الله ونعم الوكيل”.
وأكد والد الشهيد على أنه احتسب نجله شهيدًا منذ أن تلقى خبر استشهاده وأضاف: “كنتُ في انتظار تتويج تقديم دم الشهداء لتحريرالوطن لكن القاضي قتلني بالأمس (عبر الحكم) وأضاع الثورة”.
كانت عائلة الشهيد صرحت أيضًا بأنه لم يكن ينتمي إلى أي حزب أو جماعة؛ وإنه كان يحب تقوية نفسه في اللغة الإنجليزية رغم تعليمه المتوسط؛ ولذلك أحب متابعة بعض المسلسلات الأجنبية.
بعد رحيله أُطِلقَ اسمه على إحدى المدارس الإعدادية في المنصورة مسقط رأسه والمدينة التي اُستشهد فيها.