محمد السعيد عز الدين عبد الجواد ياسين
محمد السعيد عز الدين ياسين شاب مصري متفوق، لم يكن ناشطًا سياسيًا وإنما خرج متظاهرًا فقط يوم السبت 29 من يناير/كانون الثاني 2011م، للمرة الأولى والأخيرة في حياته. إذ كان يكتفي بمشاهدة المظاهرات منذ اندلاع الثورة مع زوجته في التلفزيون. توسلت إليه زوجته بالبقاء إلى جوارها وعدم الخروج إلا أنه قال: “لو ربنا كتب لى إنى أموت بجانبك فسوف أموت، ولكننى أريد أن أموت شهيدًا”، وهكذا غادر مسقط رأسه بمحافظة القليوبية إلى ميدان التحرير ليغادر منه إلى الأبد.
نال محمد بكالوريوس كلية العلوم من جامعة عين شمس، وحصل أيضًا دبلومة في التحاليل الطبية، ولم يكتف بذلك ولكنه كان يعد لمناقشة رسالة الماجستير خلال ثلاثة أشهر لولا استشهاده، وكان يؤلمه أنه بالرغم من عمله المتواصل في العيادة الطبية للبرلمان لمدة 5 سنوات منذ عام 2006م وحتى عام 2011م، إلا أنه ظل بعقد مؤقت ولم تمنحه جهة العمل عقداً دائما، ليشعر بالاستقرار المهني ة أسوة بزملائه الأقل خبرة وكفاءة منه، إلا أنهم كانوا يملكون الواسطة.
تزوج في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول 2009م، وأنجب طفلته الوحيدة رغد لم يتعد عمرها في عندما حدثت ثورة يناير الشهور القليلة.
عندما استمع محمد لخطاب مبارك الاول مساء الجمعة الذي أعلن نيته عدم التنحي وأنه بطل الحرب والسلام وسيبقى في مصر، أخذ يبكي، بحسب زوجته، إذ كان يأمل أن التغيير السياسي في النظام ورحيل مبارك قد ينعكس على تحسن الأحوال وبالتالي إمكانية استقراره في عمله وحصوله على العقد الثابت، بعد الخطاب توجه محمد للميدان وظل يقفز ويهتف، بحسب كلمات زوجته، “الشعب يريد إسقاط النظام” و”ارحل”، وعند الثانية والنصف ظهرًا ذهب مع المتظاهرين أمام وزارة الداخلية في شارع محمد محمود، ليُطلقَ عليه أحد القناصة المتواجدين أمامها رصاصة في رأسه، ليفارق الحياة مباشرة حتى قبل نقله إلى “مستشفى أحمد ماهر التعليمي” بشارع بورسعيد بحي “السيدة زينب”.
تحدث أخوه هاني لإحدى المجلات الأسبوعية المصرية الخاصة عن ملابسات الاستشهاد فقال: فُوجئونا باتصال من “عمرو” أحد المتظاهرين القريبين للشهيد في لحظاته الأخيرة ليخبرهم بأن محمد:”انضرب بالنار”، ولم يذكر أنه استشهد؛ وعندما طلب شقيق الشهيد أن يتحدث إليه، أخبره بالحقيقة الأليمة أنه لقد فارق محمد الحياة.
استلمتْ عائلة الشهيد جثمانه من المستشفى، وقال أخوه بعدها إنهم سيرفعون قضيتين في المحكمة الدولية (الجنايات) ضد وزير داخلية وقت الثورة حبيب العادلي والرئيس المخلوع حسني مبارك.
زوجة الشهيد صرحت لإحدى الصحف المصرية الخاصة بأنه:” استشهد وترك رضيعة لم يسمع منها كلمة (بابا)، التى كان يتمنى سماعها … وأنا فخورة بزوجى (رغم) دموعى (التي) لن تتوقف .. (فقد)ارتبطت به بعد قصة حب طويلة استمرت 4 سنوات، كنت دائما أشجعه فى عمله الذى يحبه منذ صغره، وأصبره على ما يعانيه من ظلم.”