عمرو درويش محمود محمد البحيري/عمرو البحيري
كان عمرو درويش محمود محمد البحيري الشهير بـ”عمرو البحيري” زميلًا للشهيد مصطفى الصاوي في الدراسة بكلية التجارة بجامعة القاهرة، ثم صارا من أبرز شهدائها الخمسة؛ بحسب تأكيد زملائهما حتى إنهم قالوا إن مشاهد موتيهما حُفرتْ بذهن كل مَنْ عاشروهما، وفي 10 من يناير/كانون الثاني 2013م؛ وفي وسط امتحانات الفصل الدراسي وقمة انشغالهم علقوا لافتة بأعلى الكلية كتبوا عليها: “في عز الامتحانات.. مش ناسيين اللي مات”، جاعلين اسم الشهيد ثاني الأسماء ومُوقعين: “فرسان تجارة”.
وُلِدَ عمرو في الأول من يناير/كانون الثاني 1991م لأسرة ميسورة ماديًا ولكنه لم يكن يرضى أن يكون طالبًا في الكلية فحسب، وإنما أحب المشاركة في حملات التوعوية السياسية مع عدم خوفه من الموت؛ وفي الاشتباكات كان يسعى للوجود بالصفوف الأمامية لحماية المتظاهرين.
قبل نزوله للمشاركة في أحداث محمد محمود في 19 من نوفمبر/تشرين الثاني 2011م قالت والدته: “لو كل أم وأب منعوا ابنهم من النزول مين اللي هينزل يجيب حقوقنا؟”، فقد كانت تعرف أن ابنها يتمنى الشهادة، وجاء رد الوالد قويًا: “يعني هتفرحي بابنك لو مات؟”، وأجابت الأخت الصغرى على الفور: “أيوه هفرح عشان هيكون مات شهيد”، وأراد عمرو أن يفرح قلب أخته؛ فمضى من المنزل مبتسمًا.
لليوم الثالث على التوالي كان ميدان التحرير وشارع محمد محمود المجاور مُشتعلين، ففي الجمعة الأخيرة طالب الثوار في مليونية بضرورة تسليم المجلس العسكري للسلطة لرئيس مدني بعد إجراء الانتخابات؛ وبات عدد منهم معتصمًا بخاصة من أهالي المصابين الذين تأخر صرف مستحقاتهم؛ وفي العاشرة من صباح السبت فاجأت الداخلية المعتصمين بعنف شديد أدى لإصابة بعضهم واعتقال آخرين؛ لتتصاعد الأحداث مع تدخل الجيش عبر الشرطة العسكرية، وانضمام القوات الخاصة وسقوط الشهداء؛ ويوم الاثنين كان عمرو بصحبة رفاقه الثوار يحاولون إجبار الشرطة على العودة لمحيط الوزارة وترك المتظاهرين في سلام؛ وأسرع الشهيد لمقدمة الصفوف.
لم يكن غادر الميدان لليلتين كاملتين؛ وفي اليوم الثالث (الاثنين 21 من نوفمبر/تشرين الثاني) جرى في أحد الشوارع الجانبية؛ فتم القبض عليه مع أحد الشباب؛ لكن عمرًا استطاع الفرار من الشرطة ووقف بعيدًا تؤنبه نفسه لتركه الشاب وحيدًا بين يديّ الذين لا يرحمون، فعاد محاولًا تخليصه ليصبح شهيدًا بسبب بندقية الضابط المُمسك بالشاب؛ والذي أطلق خرطوشه في رأس عمرٍ، ولم يمهله الأمن، فربما لو قدر الله له وتلقى علاجًا لاستمر على قيد الحياة؛ لكن تمّ ضربه ضربًا مبرحًا على رأسه وجسده؛ ففقد الوعي تمامًا، وعندما نقله رفاقه للقصر العيني القريب كان قد اُستشِهدَ.
وصل الخبر لأبيه وأخيه فهرولا لقسم الرعاية الحرجة من القصر العيني فصدمتهما ممرضة:”من الأفضل أن تبحثوا عنه في الثلاجة، محدش بيدخل الرعاية هنا ويعيش”.
وصف أحد أصدقائه صلاة الجنازة في الكلية عليه بأنها: “صلاة عيد لا جنازة”، ثم نجحوا في تسمية مدرج بالكلية باسمه، وفي ذكراه الأولى علقوا لافتات توديعية على جدران الكلية باسمه ومنها: “ناضل من أجل الحرية.. مات على إيدي كلاب الداخلية”.