عبد الله ياسر عبد الرحمن خروبة
عبد الله ياسر خروبة، 19 سنة، طالب في الصف الثاني الجامعي، ولد بمنطقة الأعصر بمدينة دمياط، وهو الأخ الأكبر لعمر وعاصم وبسملة.
يقول ياسر خروبة والد عبد الله إنه “تربى تربية دينية وكان من المواظبين على حفظ القرآن الكريم داخل مسجد الاعصر القريب من منزل. وكان حريصاً على العمل منذ صغره، فعمل في بعض الورش الصغيرة ثم عمل بتجارة الأثاث – ثم عمل معي في الكافيتيريا الخاصة بي حتى استشهاده”
كان دوما مهتماً بالسياسة، عندما جاءت ثورة يناير شارك في فعالياتها في دمياط، لكنه لم يكن يعطي أولوية أوولى للأحداث السياسية الا بعد اعلان الانقلاب العسكري. يقول والده: “في الثالث من يوليو بعض البلطجية وقاموا بالاعتداء علي عبدالله ووضعوا مسدسا علي رأسه لتهديده لكي يتوقف عن رفض الانقلاب وبعد هذا الموقف تغير عبد الله كثيراً وقرر أن يتوجه الي اعتصام رابعة وأنا أخبرته ألا يذهب الي اي مكان الا وهو مقتنع تمام الاقتناع به ويجدد نيته ليكون عمله خالصاً لله، وسبحان الله توجه الي الاعتصام وكان من احرص الناس على المشاركة في معظم الفعاليات والمسيرات ضمن لجنة الحماية حتى لاحظ أصدقاؤه التغير الغريب في شخصيه عبدالله في الفترة الاخيرة.”
والدة عبد الله تحكي تقول “طلبت منه كثيرا أن يعود إلى المنزل بعض الأوقات لكي يستريح قليلا لكنه كان يرفض تماما ويرد عليها هكذا “مش انا يا ماما اللي تقوليلي كده احنا واقفين هنا لله والمكتوب مكتوب لو لي نصيب اموت هنا او في اي مكان هموت ادعيلي يا أمي بالشهادة”
تقول الأم عن يوم المذبحة: “في تمام الساعة التاسعة تلقيت اتصالاً من رقم مجهول وما ان سمعت صوت عبدالله حتي اطمأن قلبي سألته عن حاله فقال :”متقلقيش يا ماما أنا جوه مول طيبة وبعيد عن القلق ادعيلي يا ماما بالشهادة ولو بابا جنبك خليه يكلمني” ”
وهنا يضيف الحاج ياسر والد الشهيد: “كلمت عبدالله فقال لي “خلي ماما تسامحني لأني كذبت عليها أما مش في المول أنا واقف علي الحاجز الرملي في المقدمة والضرب شديد جداً علينا ادعيلي بالشهادة يا بابا”.
يضيف الأب أنه لم يستطع الا أن يدعو له بأن يحفظه الله من كل سوء ثم انتهت آخر مكالمة بين عبدالله ووالديه.
في العاشرة صباحاً يوم المذبحة أصابت رصاصة من بندقية أحد القناصة رأس عبد الله وفارق الحياة، وسرعان ما وصل الخبر إلى أخيه الأصغر عمر – الذي تخرج هذا العام من كلية الهندسة بالجامعة الألمانية – عبر رسالة فيسبوك، فأخبر والده وما هي إلا دقائق حتى تأكد من الخبر من بعض المعتصمين وحينما علم الوالد أبلغ الوالدة ايضا التي لم تكن تعلم أن التهنئة التي كتبتها لعبد الله على فيسبوك في يوم الـ 8 من يوليو بمناسبة ذكرى ميلاده ستكون الأخيرة.
فور سماع الوالد للخبر تحرك على الفور بصحبة أحد الجيران من دمياط إلى القاهرة حيث كانت جميع الطرق مغلقة لكنهم حاولوا بكل السبل الوصول الى ميدان رابعة العدوية، وبعد محاولات امتدت لــــ 8 ساعات وصلوا الى الميدان.
يكمل الوالد: “رأيت بعض أصدقائه فحاولوا منعي من الوصول خوفاً علي حياتي لكني لم استمع لهم توجهت الي جثمان ابني لاجده مصابًا برصاصة في الرأس وملقى على الارض – وبجواره جثة لاحد المسعفين قتل لانه حاول انقاذ المصابين – قمت بحمل جثة ابني مع اصدقائي وتوجهت الي السيارة واتجهنا الي مستشفي الدمرداش وصلنا بصعوبة بسبب كمائن الشرطة والجيش والبلطجية علي الطرق رفضت المستشفي استقبالنا وبعد الضغط وافقت بتنا ليلتنا بها ثم توجهنا صباحاً الي مشرحة زينهم.”
ويكمل”معاناة كبيرة منذ السادسة صباحاً وحتي السابعة مساءً ونحن نقف علي ابواب المشرحة اكثر من الف جثة رأيتها بعيني حاول طبيب المشرحة كتابة التقرير علي انه انتحار لكني رفضت فكتب التقرير طلق ناري بالرأس أدى إلى الوفاة بعد ذلك عدت بجثة ابني الشهيد الي دمياط حيث كانت امه قد اخذت مني وعدًا بأن آتي بجثته الي المنزل.”
خرجت جنازة مهيبة في منطقة الأعصر في دمياط، ليشيع الجميع عبد الله خروبة إلى مثواه الأخير لكن للأسف انتهت الجنازة المهيبة باعتداء من البلطجية وقوات الأمن على المشيعين وقتلوا تسعة منهم في الجنازة.
يذكره معلمه في المسجد شهادته عن عبد الله فيقول :
كان إذا أتى رمضان في طليعة من ينظفون المسجد و يزينونه و تجده لحظة الافطار على باب المسجد يحمل التمر للصائمين ، و سريعا تجده يوزع الماء و العصير على المصلين في استراحة التراويح .
لم يكن يخلوا الاعتكاف من عبد الله أبداً … صغيرا في ابتدائي حمل بطانيته ليعتكف معنا في عز الشتاء بالمسجد .. و في اعدادي و ثانوي كان خدمة المتهجدين عمله المحبوب و نشاطه الدائم
ننتهي من صلاة التراويح ليبدأ في تجهيز السحور مع اساتذته و اخوانه و لا يجلس للسحور إلا بعد أن ينتهي المعتكفون و الزائرون من سحورهم و شرب الماء .
لن نبالغ لو قلنا أن عبد الله كان قنديلا بالمسجد يحبه الجميع
أما في القضية الفلسطينية كان يسبق الجميع في حملات جمع الأرز التي اشتهرت بها دمياط لمساعدة أهالي غزة المحاصرة و التي تجاوزت 14 قافلة مساعدة
يجمع نهارا و يجهزها و يبيت حارسا على أشولة الأرز ليلا صيفا أو شتاءً ”