الدكتور عبد الرحمن محمد علي عويس
وُلِدَ الدكتور عبد الرحمن محمد علي عويس في قرية منشأة الكرام التابعة لشبين القناطر على بعد نحو خمسين كيلومترًا من القاهرة في عام 1954م، وتدرج في تعليمه حتى نال الدكتوراة من جامعة الأزهر في التفسير وعلوم القرآن، وعمل أستاذًا بتخصصه، وعرف عنه الكرم والتواضع مع طلابه، بخاصة الغرباء المُبتعثين، حتى أن أفرد أحد طلابه الأفارقة واسمه نور الله كورت قال عنه: إنه يذكره بعد تخرجه بأكثر من عشرين عامًا؛ لإنه لم يكن معلمًا له بكلية أصول الدين عام 1990م للمادة تخصصه فحسب، بل بكل ما يخص الدعوة، كما كان مثلًا أعلى وقدوة في الحياة له ولجميع أقرانه.
شارك في الثورة رغم إقامته في حي المرج في شرق القاهرة البعيد نسبيًا عن ميدان التحرير؛ وبعدها كان متحدثًا في دورات إعداد الأئمة الأزهريين العاملين بوزارة الأوقاف من مثل: “الملتقى الدوري للقراء والأئمة” في يوليو/تموز 2012م، ولم تمنعه إصابة سابقة في حادث سير عقب تشييعه جنازة شقيقه في مايو/آيار 2011م من مواصلة العمل الدعوي والثوري، بخاصة مع انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين التي تولت الحكم في مصر آنذاك ولمدة عام.
وعندما قام الجيش المصري بعزل الرئيس المنتخب في يوليو 2013، انضم الدكتور عبد الرحمن للمُعتصمين في ميدان رابعة العدوية، وعن تلك الفترة يقول صديقه عضو رابطة علماء ضد الانقلاب الدكتور منير جمعة أنه كان كثير الحديث عن الشهادة في سبيل الله، ولصدق حديثه اُستشهد بعد أن عاش حياته: “عالمًا كبيرًا لا يرى نفسه”!
ويؤكد الدكتور منير أن الراحل: “عرف الحق فعمل به وجهر بالدعوة إليه، لم يسع إلى شهرة أو منصب، لم تمنعه مكانته ولا سنه من أن ينام على الأرض في رابعة العدوية، ليضرب بذلك المثل للعلماء الربانيين العاملين.. شاء الله أن يصطفيه هو وولده (عمرو) يوم المذبحة الكبرى (رابعة العدوية)، والذين تعاملوا معه يصفونه بأنه زيّن القرآن بالفعال.. فصار حجة على العلماء إلى يوم الدين، نحسبه كذلك ولا نزكيه على رب العالمين”.
وكثيرًا ما حدث الشهيد العلماء الذين كانوا يتحدثون على منصة رابعة، لكن خلفها (لعدم حبّه الظهور).
أصيب ابنه عمرو بعد أن لقي أبوه الله إثر رصاصة قناص بالصدر في نفس يوم مذبحة رابعة العدوية يوم 14 من أغسطس/آب 2013م، ومن عجيب القصص التي يرويها أحد الأطباء في المستشفى الميداني برابعة أنه لما حضر إليه الشهيد الابن مُصابًا، أراد إبلاغ أهله فوجد بهاتفه رقمًا مسجلًا باسم “أبي”، فأتصل به ليرد عليه أحد زملاءه الأطباء من الطابق الأسفل للمستشفى نفسه قائلًا: هذا الهاتف يخص شهيدًا لدينا.
تم تشييع جنازة الشهيد الأب في منشأة الكرام بعد رحيله بيوم واحد (الخميس 15 من أغسطس/آب)، فيما ظل عمرو الابن رهين غيبوبة كاملة حتى اُستشهِدَ في 3 من نوفمبر/تشرين الثاني التالي ليدفن إلى جوار أبيه أيضًا.
وشهد له طلابه بأنه:”كان نعم الأستاذ الخلوق الرباني”، كما نعاه موقع “ملتقى أهل التفسير” المعروف بالقول: “كان من أطيب الأساتذة واكثرهم أدبًا وخُلقًا”.
تردد أنه استشهد معه بنفس اليوم أكثر من ثلاثين عالمًا أزهريًا.
رابط فيديو لكلمة الشهيد في الملتقى الدوري للقراء والأئمة في يوليو/تموز 2012م: