عبدالرحمن نادر الشرقاوي
أحب عبدالرحمن رياضة الكاراتيه منذ صغره وبدأ ممارستها عندما كان في السادسة من عمره، وكان من الأوائل على الجمهورية في عدة سنوات. كما التحق بالكشافة في نفس الوقت حتى وصل إلى فريق الجوالة. ودرس بمدارس الأزهر الشريف وختم حفظ القرآن الكريم وهو في الرابعة عشر من عمره. التحق بكلية الإعلام بجامعة الأزهر لحبه للعمل الإعلامي بعد أن ترك كلية أصول الدين. نشأ عبدالرحمن في أسرة تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وكان والده الأستاذ نادر الشرقاوي معلما لمادة الدراسات الاجتماعية، ووالدته الأستاذة هاجر محمود معلمة كذلك. وهو أوسط إخوته، وله أخين و أختين. توفي والده بعد عناء مع المرض في عام 2011 ورغم أنه ليس أكبر إخوته إلا أن والده أوصاه بأن يرعى والدته و إخوته لأنه كان أكثر الأبناء برا بوالديه.
يصفه إخوته وأصدقاؤه بأنه كان ذو وجه بشوش، لين الطباع ويكره العنف، هادئ وصدره رحب ومحب للأطفال وأكثر إخوته حنانا وأمين على الأسرار. كان عبدالرحمن يُحَفظ الأطفال القرآن الكريم في المسجد، كما كان يشارك في تجهيز شنط رمضان وتوزيعها على الفقراء ويجهز الهدايا في يوم العيد ليقوم بتوزيعها على المصلين في صلاة العيد.
شارك عبدالرحمن في عدة نشاطات سياسية منذ صغره؛ فكان دائم المشاركة في الحملات الانتخابية الخاصة بمرشحين جماعة الإخوان المسلمين في حلوان في مجلس الشعب. وفي سنة 2009 اعتقل عبدالرحمن هو ووالده لمدة أربعة عشر يوم لمشاركتهم في المظاهرات المعارضة لقانون الطوارئ في عهد حسني مبارك. وعلى الرغم من انتماءه الأيديولوجي إلا أنه كان محبا للجميع وكان لديه أصدقاء من مختلف الأحزاب. وقد شارك في ثورة 25 يناير واعتصم في ميدان التحرير وشارك لاحقا بالمظاهرات المنددة لحكم المجلس العسكري.
انضم عبدالرحمن لاعتصام رابعة العدوية منذ أول يوم فيه لإيمانه بنصرة المظلوم والدفاع عن كلمة الحق كما تروي عائلته. وكان يعود لمنزله يوميا ليقضي طلبات والدته ويطمئن عليها ثم يذهب من جديد للاعتصام. وفي صباح يوم فض الاعتصام 14 أغسطس 2013، اتصلت به والدته لتطمئن عليه في السادسة صباحا وحدثها بأنه يشعر أنه سيلقى الله شهيدا اليوم. توجه أخواه عبدالله و حذيفة إلى الاعتصام في محاولة منهم للوصول إلى عبدالرحمن ليستطيعوا إخراجه، إلا أن قوات الجيش والشرطة حالت بينهم وبين دخول منطقة فض الاعتصام بعد أن أصيبا بطلقات من الخرطوش ولم يستطيعوا الدخول على الإطلاق. وعند قرابة الساعة الرابعة عصرا اتصل عبدالرحمن بأخيه حذيفة من هاتف شخص ما وقال له أن قوات الشرطة تقوم باعتقاله، وأُغلق الخط ولم يستطيعوا الوصول لهذا الهاتف أبدا. أخبر عبدالله وحذيفة والدتهم أن عبدالرحمن قد اعتقل وسيبدأون بالبحث عنه في الأماكن التي قد يكون تم اقتياده إليها. ومازالوا يبحثون حتى اليوم التالي في الساعة الرابعة مساءا عندما اتصل بهم صديقهم ابن الشهيد محمد علي الذي استشهد في فض الاعتصام أيضا وقال لهم أنه وجد جثمان عبدالرحمن في مسجد الإيمان في أثناء بحثه عن جثمان والده. وسرعان ما أتى إخوة عبدالرحمن إلى المسجد وتأكدوا من أنه هو. وأخذوا تصريح الدفن الذي استخرجوه من الطب الشرعي وكان مكتوبا أن سبب الوفاة هو” إصابة بطلق ناري في الرأس من الجهة اليسرى وخرج من الجهة اليمنى من خلف الرقبة”. وقاموا بدفن عبدالرحمن بالمقابر في مدينة 15 مايو. ودفن إلى جواره في اليوم التالي مربيه الشهيد محمد علي بعدما عثروا على جثمانه، فكما عاشا سويا على حب الشهادة، استشهدا سويا في نفس اليوم ودفنا بجوار بعضهما.
ويروي أحد أصدقاء والد عبدالرحمن أنهما كانا سويا في المسجد الحرام مع الأسرة، وكان عبدالرحمن صغيرا حينذاك عندما جاء لوالده وقال له: “بابا إدعيلي أموت شهيد”. وابتسم أستاذ نادر وقال له: “ربنا يبارك في عمرك يا حبيبي ويحفظك” ثم قام وتوضأ من زمزم وصلى ركعتين ودعا له بالشهادة.