عادل إمام جاد الكريم
لم يكن عادل إمام عبد الكريم ناشطًا ثوريًا أو حتى مُشاركًا في ثورة 25 يناير قبل أحداث محمد محمود؛ ولكن الكُتَّاب عن الثورة يؤكدون أن الله اختاره شهيدًا وفي المرة الأولى التي ينزل ميدانًا فيها؛ شاهد في فضائية شهيرة الأحداث التي اندلعت في السبت 19 من نوفمبر/تشرين الثاني 2011م في ميدان التحرير وشارع محمد محمود، عقب مليونية انتهت قبلها بيوم في ميدان التحرير، ورغم تعليمه البسيط الذي انقطع عنه لفقر أسرته، واضطراره للعمل كحرفي بورشة لتشكيل الأدوات النحاسية في حي الجمالية الشعبي، وبأجر قليل كان يرضى به، إلا أن عادلًا فهم مطالب الثوار بضرورة تسليم المجلس العسكري السلطة لرئيس مدني، بعد تحديد موعد لإجراء انتخابات رئاسية؛ واستوعب أسباب اعتصام عدد من المصابين وأهالي الثوار بالميدان وحقهم في صرف تعويضات عن دمائهم وذويّهم، وفي الصباح فوجيء كما الجميع بالشرطة تحاول إخلاء الميدان بعنف بالغ.
وبعد ساعات تجددت الاشتباكات المعهودة الثورية في الميدان منذ أحداث يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من نفس العام؛ وتدخلت الشرطة العسكرية والأمن المركزي، بالإضافة للقوات الخاصة وسقط الشهداء على مدار قرابة الأسبوع؛ وقرب نهاية الأحداث قرر عادل ترك عمله والنزول للميدان؛ فغادر عزبة الوسيمي في حي حدائق القبة حيث كان يقيم، ليشتري من صيدلية شاشًا وقطنًا وأدوية خاصة بالإسعافات الأولية كمشاركة منه بالمستشفى الميداني؛ ولينقذ الذين يستطيع بنفسه إنقاذهم من مصابي الأحداث الدامية، بعد أن حصوله على راتبه الأسبوعي القليل.
وقريبًا من الميدان وجد مُصابًا ينزف على الأرض لا يسعفه أحد ولا يستطيع مجرد الحركة، فذهب لمساعدته و نقله للمستشفى، مما لم يُعجب قناصًا كان يتابع المشهد فصوب نحو عادل ليصيبه برصاصة في الجمجمة أحدثتْ تهتكًا في المخ وجروحًا أخرى وهبوطًا بالدورة الدموية والتنفسية .. وقبل أن يلفظ أنفاسه قال للشاب الذي أراد مساعدته: “قل لأمي تسامحني” ثم لفظ أنفاسه.
قبل الجمعة 25 من نوفمبر/تشرين الثاني 2011م تم تشييع جثمان الشهيد في مسقط رأسه، بعد أن عانى أهله من تعنت وإصرار أطباء وموظفي مشرحة زينهم الرسمية على كتابة سبب الاستشهاد على أنه هبوط فقط في الدورة الدموية، وبعد محاولات مريرة استجابوا وكتبوا التشخيص الفعلي.
صرحت والدة الشهيد أمل أحمد موسى (43 عامًا) لأحد المواقع الخاصة بعدها:”حسبي الله ونعم الوكيل، ربنا على الظالم والمفتري، منهم لله إللي قتلوا ابني.. كان طيب القلب ومحبوبًا بين زملائه فى الورشة، ولا يعرف الكراهية أو الحقد، ومُحبًا لوالديه، ولم يكن بلطجيًا (كما يُشيع البعض عن شهداء محمد محمود)”.
وعن كيفية معرفتها باستشهاد ابنها قالت: “فوجئت بعد نزوله باتصال تليفوني من أحد الأشخاص وعثوره على حافظة (أموال) عادل وبها بطاقته الشخصية، (وذلك) بالميدان، وطلب (مني الشخص المجهول) الحضور للبحث عنه، فاصطحبتُ أحد زملائه إلى شارع محمد محمود، وتعرضتُ للقنابل المسيلة للدموع، وبعد محاولات فاشلة للبحث عنه (حتى) بين المصابين، عثر أخوه الأكبر على جثته في مشرحة زينهم”.
واختتمت أم الشهيد بمطالبتها المجلس العسكري الحاكم وقتها بضرورة التدخل والقبض على الجناة وسرعة محاكمتهم “لكي يهدأ قلبها”، على حد قولها.
لاحقًا وبسبب تراخي الجيش والشرطة والقضاة تم المماطلة في أخذ حق الشهداء كاملًا، وبعد التحول السياسي الشامل الذي حدث بعد بداية يوليو/تموز 2013م لم يعط القصاص للشهداء والمصابين حقه.