سعيد سيد محمد سيد الجزار
وُلِدَ سعيد سيد محمد سيد الجزار، في 16 من ابريل/نيسان 1971م، في عزبة عثمان التابعة لشبرا الخيمة في محافظة القليوبية، وكان الابن الثالث لوالدين أنجبا ثمانية أبناء، نصفهم من الذكور والنصف الآخر من الإناث؛ وكثيرًا ما عمل الشهيد للإنفاق على نفسه في الإجازة الصيفية ومساعدة والده، بخاصة في مصانع النسيج، حتى وصل إلى الدراسة في قسم اللغة العربية بجامعة عين شمس، فعمل أثناءها في مركز الدراسات العربية و الإسلامية بدار هَجر بالقاهرة.
حفظ الراحل القرآن الكريم في كبره بوقت قياسي، ونبغ في تحقيق كتب التراث من مثل “البداية والنهاية” لابن كثير، و”تفسير الطبري” أو “جامع البيان في تاويل آي القرآن”، وهو ما استدعى ثناء أستاذه الدكتور الراحل محمود محمد الطناحي على جهده.
بعد تخرجه عمل الشهيد مدرسًا للغة العربية والتربية الدينية بمدارس وزارة التربية والتعليم، مع عدم تركه لتحقيق الكتب التراثية، فنشر المزيد منها في دور نشر من مثل: وهبة والبشير، ليترك من ورائه مؤلفات من مثل: “الدعاء جماع الخير”، “الداعية المُغير والخطيب المُؤثر”، و”ما ينفع الميت من أعمال بعد الموت”، كما كانت له كلمة يكتبها لشبكة “نبض الإخوان” بصورة يومية لفترة بعنوان “في الصميم”.
تزوج سعيد في 2 من أغسطس/آب 2001م، ولم يُنجب لسنوات ثم رُزِقَ بدعاء ست سنوات، وسهيلة أربع سنوات عند استشهاده.
انضم إلى جماعة الإخوان منذ بداية وعيه، فكان عضوًا بلجنتيّ الدعوة والتربية وخطيبًا مفوهًا، وتولى مسئولية لجنة التربية في شبرا الخيمة قبيل وفاته؛ فنظم معسكرًا تربويًا للجماعة في المنطقة تحت عنوان: “جدد العهد وجنبني الكلام إنما الإسلام دين العاملين”، بحسب تقرير: الداعية الشهيد سعيد الجزار.. الرجولة في أجلِّ صورها وأكمل معانيها ـ إخوان أونلاين في 11 من نوفمبر/تشرين الثاني 2013م.
تم اعتقال الشهيد قبل انتخابات البرلمان في عام 2000م لمدة شهرين من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/كانون الثاني فكان ثابتًا يصبر الذين حوله، ثم شارك في الحملة الدعوية التي أوصلت الدكتور محمد البلتاجي إلى البرلمان في 2005م.
بعد التغيير السياسي في مصر الذي صاحب عزل الجيش للراحل محمد مرسي، أول رئيس منتخب بصورة شرعية في تاريخ مصر، أصر الشهيد على الوجود في اعتصام رابعة العدوية، رغم بعده جغرافيًا عن مكان إقامته.
كان الراحل يلوم بعض المُنتمين للتيار الإسلامي لإنهم لا يواجهون الناس: “بالحق الذي بين أيديهم، فكيف لا يخجل أصحاب الباطل من باطلهم؛ ونحن ندعو إلى الحق على استحياء”.
يوم 14 من أغسطس/آب 2013م (الذي شهد مذبحة رابعة) أتى سعيد من عمله مباشرة للميدان، رغم إغلاقه بقوات الشرطة والجيش من جميع جوانبه؛ إلا أنه اشترى عددًا من علب البيبسي المستخدمة لعلاج آثار الغاز المسيل للدموع واستطاع تجاوز الحصار المُحيط بالميدان؛ فلما تعجب أصدقاؤه من دخوله رغم انتظار الآخرين في الخارج قال لهم: “مَنْ يريد الدخول فسوف يدخل”، ويقول أحد مرافقيه في ذلك اليوم: “استغربتُ دخوله لصعوبته ثم لأن المجزرة والإبادة كانت ظاهرة على شاشات الفضائيات؛ وكل داخل يعلم أنه مفقود لا محالة، ولكنه طلب الشهادة بصدق فنالها بعد دخوله بوقت قليل”، بحسب صفحة احكيلي عن شهيد ـ سعيد الجزار ـ على الفيسبوك في 10 من سبتمبر/أيلول 2013م.
صاحب الشهيد الدكتور ياسر أبو السعود في آخر لحظات حياته ويرويها قائلًا: “في حدود الساعة الخامسة مساء كان إطلاق الرصاص على أشده من جهة شارع الطيران من ناحية البنزينة، والرصاص كالمطر، دخلت جرافة وكنت أنا ومجموعة من الشباب في مدخل العمارة التي بها بنك مصر، ودخلت الجرافة تزيح كل شيء أمامها من الجهة المقابلة لنا حتى تدخل بعدها المدرعة، وأمطر الشبابُ الجرافةَ بوابل من الحجارة، ولكن هيهات أن تؤخرها، أو تؤثر فيها من جهة الشارع الذي أمام البنك، وبجوار الجرافة كان هناك كتلة من حديد؛ سقالة عمارة تحت الإنشاء، تحصن بها الشباب، وأخذوا يقذفون المدرعات بالحجارة”.
ويضيف أبو السعود: “ورأيتُ الشهيد ينطلق خلف هذا الحديد ينضم إلى بضعة شباب يرمي معهم الطوب علي المدرعة، تحت وابل كثيف جداً من النيران، … والتفت الشهيد إلي الخلف ورفع يده عاليا بعلامة النصر يشجع من خلفه علي الانضمام إليهم، فجاءته رصاصة الغدر في بطنه، فسقط للتو، وأتى به الشباب ليصعدوا به إلى المستشفى الميداني، ولكنه فارق الحياة سريعا”.
يختتم أبو السعود كلماته بالقول: “والله كانت شجاعة منه، وبطولة حيث كان هذا الجانب من الميدان الأشرس، وكان الرصاص ينهمر فيه كالمطر، رحم الله الشهيد رجل بمعني الكلمة “.
تم دفن الشهيد لاحقًا مع شهيد شاب هو عطية رمضان من أبناء شبرا الخيمة، بمسجد الرحمن بعزبة عثمان وصلى عليهما صلاة الجنازة صديقه الداعية الدكتور منير جمعة الذي أشار إليه على صفحته بالفيسبوك.