خالد محمد السيد محمد الوكيل
كانت متفوقاً في دراسته في المرحلة الثانوية، وموهوباً في التمثيل في قصور الثقافة وفي المدرسة، حتى أنه كان واحداً ممن اختارهم الممثل محمد صبحي للالتحاق بمدينة سمبل للتمثيل، كانت أراءه يحترمها الكبير والصغير.
عندما كان يجلي يتحدث مع والده يقول له ” سوف أصبح رئيساً للجمهورية” يضحك الأب ويسأله: كيف يا فيلسوف؟ فيرد خالد بانتخابات حرة ونزيهة، ليقول له الأب وهل لدينا انتخابات حرة في مصر يرد خالد: غدا سيكون، وستكون مصر أجمل وأرقى.” هكذا يتذكر أباه.
تقول والدته السيدة أمل، ” يوم 25 يناير تشاجرت معه بسبب مشاركته في المظاهرات، لكنه كان مصمماً على الخروج كما وعد أصدقائه.”
قال له: لو خرجت سأكون غاضبة عليك.
رد عليها: غداً ترضى عندي.
وبالفعل نزل المظاهرات وكتب التفاصيل على صفحته في فيسبوك.
في اليوم التالي، الأربعاء 26 يناير، جاء واسترضاني. وقال لي: يا سلام لو تكوني أم الشهيد خالد.
أخذته في حضنها وقالت، ” ليه؟ تريد حرق قلبي عليك؟
قال: يا أمي هذا أجمل شئ في الدنيا، وقتها أخذك معي وأبي إلى الجنة، تتذكر والدته هذا الحوار مع ابنها وتقسم أنه دار بينها وبينه.
تواصل والدته تذكر كيف كان يتصرف ابنها في أيامه الأخيرة: ” مر يومين وأنا أشعر أن ابني به تغيير، أصبح يقول كلاماً غريباً، وكل تصرفاته بها شئ من الروحانية.”
في يوم الجمعة 28 يناير، صحى خالد مبكراً، صلى الفجر وقرأ القرآن، وكرر قراءة سورة الكهف عدة مرات، سألته أمه مازحة: ” ما كل هذا الإيمان يا سي خالد؟”
أجاب: ” يا أمي سورة الكهف تنير القبر كل يوم خميس لمن يقرؤها.” ثم طلب من أمه أن تسامحه لو نزل المظاهرات، لأنه لا يستطيع أن ينزل دون رضاها.
قالت له: ” أخاف عليك.”
رد: ” لو كل أم خافت على ابنها، البلد لن تتغير، هل يعجبك الظلم والتزوير في الإرادة والفساد الذي زاد عن حده؟”
قالت له: “هل ستصلح الكون.”
رد: “من يعرف؟ قد أكون سبب رئيسي، لابد أن أنزل، حتى يعرف أخي الصغير سيد – 12 سنة – ما هو حقه.
تقول الأم أن حوارها انتهى مع ابنها باتفاق على عدم نزوله، لكنه أخبرها أن سيذهب لصديق يسكن بالقرب من ميدان المطرية لإحضار مذكرات خاصة بالمدرسة، وافقت الأم رغم شعورها بأن ثمة مكروهاً سوف يصيب ابنها.
يكمل أبو خالد قصة ابنه، ويقول: عرفت أن ميدان المطرية يحيط به قناصة موجودون فوق أسطح البنايات المرتفعة، بحسب شهود العيان، عندما وصل خالد إلى الميدان لأخذ المذكرات من صديقه، وجده مصاباً في قدمه بعيار ناري، حاول خالد مساعدة صديقه، وحاول توثيق ما يحدث من مشاهد العنف، لكنه أصيب في قلبه برصاصة أتية من مكان عال، بحسب شهادات الشهود، سقط خالد على الأرض، حاول أصدقائه إنقاذه وأسرعوا به إلى مستشفى الزيتون التخصصي حيث حاول ستة من الأطباء انقاذه بلا جدوى، في اليوم التالي دفنه والده بملابسه.
لتتغير حياة أسرته إلى الأبد، بعد أن كان خالد هو كل أمل والديه، بعد نتيجة الثانوية العامة، اتصلت والدته بأصدقائه وهنأتهم بنجاحهم وفي يوم عيد ميلاد خالد ذهبت إلى مقبرته، مصطحبة معها القرآن لتتلو له بعض آياته.