خالد فرناس عبد الباسط حسن البنا
استُشهد خالد فرناس عبد الباسط حسن البنا (30 عامًا) حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، في أحداث مذبحة رمسيس يوم الجمعة 16 من أغسطس/آب 2013م، التالي لمذبحة رابعة العدوية.
وكان من ضمن المتظاهرين الذين خرجوا من أنحاء القاهرة والمحافظات القريبة اعتراضًا على مقتل الآلاف في رابعة (شرق القاهرة) والنهضة (غربها) وميادين مصرية أخرى، ما دفع النظام للزج بقناصة بعضهم بطائرات لاستهداف المدنيين على مدار عشرين ساعة، وكان من بينهم خالد، بحسب تقرير مجزرة مسجد الفتح.. ما لا عين رأت من انتهاكات الحرمات ـ رصد ـ الأحد 18 من أغسطس 2013م.
بعد استشهاده بستة أيام، زار أسرته مراسل وكالة “الأناضول”، منزله في القاهرة، فنهته والدة الشهيد، الطبيبة هالة حسن البنا، عن الجلوس على كرسيه الذي كان يقرأ القرآن الكريم عليه، قائلة: “أحب أن يظل خاصًا به لا يجلس عليه أحد بعده، فسامحني ياولدي”.
وروت والدته تفاصيل يوم استشهاد ابنها الذي لقبته بـ “بركة المنزل”، قائلة: “كان في زيارتنا صديق (له) بات معنا ليلة الجمعة؛ ثم خرج مع خالد لأداء الصلاة في مسجد الفتح والمشاركة بالوقفة المؤيدة للشرعية”، مضيفة: “حكى لي (صديقه) أنه أثناء النزول (لميدان رمسيس) سأله خالد ما نيتك؟ وبعد أن عدد له بعض النوايا؛ قال (خالد) له لا تنس أننا سنقول قولة حق أمام سلطان جائر”، بإشارة للحديث الشريف (إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ)” رواه الترمذي.
وتابعت والدته أنه أدى العمرة معها في رمضان عن جده حسن ووالده، ولاحقًا تم دفنه بينهما، بحسب قصة استشهاد حفيد البنا حيث استشهد جده ـ فلسطينيو 48 عن الأناضول ـ 24 من أغسطس/آب 2013م.
وكان خالد يعمل طبيبًا للأسنان بمستشفى الزهراء في مدينة نصر، ويروي خاله المحامي أحمد سيف الإسلام البنا أنه: “نموذجًا أجمع عليه كل من عايشه وتعامل معه من أول زملائه إلى مرضاه، وحتى جيرانه وأهل منطقته، فالكل ناداه الشيخ خالد لتدينه ودماثة خلقه، ولم يترك الجماعة في المسجد إلا لعذر شديد”، مُؤكدًا استهداف قوات الجيش والشرطة له ضمن أبناء وأحفاد رموز الإخوان في محاولة لقتل الأشخاص بعد فشلهم بقتل الفكرة، كما قال في التقرير المُصغر استشهاد حفيد الإمام البنا في نفس مكان استشهاد جده ـ موقع نافذة مصرـ 17 من أغسطس/آب 2013م.
أما والدته فأكدت مجددًا أن نجلها: “كغيره من الصالحين تنكشف لك حقائق بعد وفاته لم تكن تعلمها قبلها، وذلك من حكايات المُعزين ممن شهدوا له بأمور لم نكن نعلم عنها شيئًا”، ومن ذلك أنه: “بدأ جمعته بتلاوة القرآن ثم قبَّل يديّ، كما اعتاد قبل نزوله”.
وتابعت: هناك في رمسيس كان حريصًا على خدمة المدافعين عن المتظاهرين بجلب الماء إليهم وقراءة سورة يس عليهم ليحفظهم الله، وأثناء نزوله من أعلى كوبري (جسر) أكتوبر بعد أن سقى عددًا ممن كانوا فوقه أصابته رصاصة قناص في طائرة هليكوبتر؛ ليسقط بين يدي الصديق الذي صاحبه، وينطق الشهادة، وقد أكد لي أنه لم يعانِ كثيرًا في موته فلم يأخذ أكثر من 5 ثوان قبل أن تفيض روحه لبارئها”.
تمَّ نقل جثمان الشهيد إلى مسجد التوحيد في حي غمرة؛ لتتصل والدته بحموله حتى إذا تاكدت من الخبر لم تبكِ؛ وإنما أرادت الوصول للجُثمان واحتضانه للمرة الأخيرة، مُشددة أن حالتها كانت عجيبة حتى أن أبناءها لم يتوقعوها منها، مُسهبةً: “كنتُ قلقة أن يكون مُشوهًا أو بحالة لا أستطيع أن أراه عليها، لكن حينما سألتُ طمأنني الجميع، وحينما رأيتُ ابتسامتَه وشممتُ رائحة دمه الزكية هدأتْ نفسي، وقد شهد جميع من رأوه بذلك والحمد لله”. مستدركة: “من العجيب أن خالد جاء بجالون من ماء زمزم من منبعه في مكة لتوزيعه والتبرك به هنا؛ وكان نصيبه أن يُغسلَ به بفضل الله”.
أما عن صفاته، فتقول والدته إنه كان بسيطًا، قليل الطلبات، ورغم ذلك كان مُقبلًا على الحياة، متفائلًا ورياضيًا، و”أتم حفظ القرآن، وأجاد (تلاوته وتجويده)، وكان صوامًا، وقد اُستشهِدَ وهو صائم”.
وتابعت أنه دخل عليها هي وأُخته ذات مرة؛ بعد استيقاظه من النوم وهو مُبتسمٌ وقال لها: “حلمتُ أنني اُستُشهدتُ وأنا صائم، (إلا أنه تساءل أتمنى الشهادة لكن كيف السبيل إليها؟)، ولم يكن يعلم أنه سينالها وهو في بلده دون الذهاب إلى أي مكان (آخر)”.
ومن عجيب ما روته والدته أنه من فرط اهتمامه بها كان يشعرها بالحرج، فحتى العيادة الخاصة رفض افتتاحها لئلا ينشغل عنها، فيما كان قد خطب فتاة قبل رحيله لتقول والدتها في عزائه لوالدته: “والله حين رأيتُ ابنك كنت متأكدة أنه ابن موت وأن ابنتي لا تستحقه”.
استشهد خالد في نفس مكان استشهاد جده تقريبًا بحسب: أبناء قيادات الإخوان في قائمة “شهداء الشرعية” ـ الجزيرة ـ 21 من أغسطس/آب 2013م.
وفي اليوم التالي لاستشهاده تم دفنه بعد صلاة الجماعة عليه في مسجد الرحمن الرحيم بشارع صلاح سالم؛ والده رفض استلام الجثمان بتقرير طبي يفيد بانتحاره أو وفاته بمشاجرة، مؤكدًا ان رصاصة القناص اخترقت كبده، وتسببت في نزيف أودى بحياة نجله.
اقتصر دفنه في مقابر الأسرة بحي الإمام الشافعي عليهم وعدد من المُقربين من الراحل، بحسب تشييع جثمان خالد فرناس حفيد الإمام البنا من مسجد الرحمن الرحيم ـ مصرس عن بوابة الحرية والعدالة ـ 17 من أغسطس/آب 2013م.
والدته رفضت تلقي العزاء فيه حتى استعادة حقه بحسب قولها، فيما أكد الطبيب رئيس قسم الطوارئ بالمستشفى التي كان الشهيد يعمل فيها أن الرصاصة استقرت بجسده ولم تخرج منه، بحسب شهداء في مجاز الانقلابيين ( عمار وأسماء و حبيبة ) أبناء قيادات الإخوان ـ نافذة مصر ـ 18 من أغسطس/آب 2013م.