جوليو ريجيني
كان جوليو ريجيني طالب إيطالي، يدرس الدكتوراه في جامعة كامبردج البريطانية، يبلغ من العمر 28 عاماً، اختفي في القاهرة، بعدما غادر مسكنه القريب من محطة مترو البحوث في القاهرة في 25 يناير 2016.
بحسب روايات من يعرفه، كان جوليو شاباً موهوباً، يتحدث خمس لغات – الإيطالية والإنجليزية والإسبانية والعربية والألمانية- طالب مجتهد وكاتب بارع.
تزامن يوم اختفاءه مع الذكرى الخامسة لبداية الثورة المصرية التي أطاحت بحسني مبارك.
بعد تسعة أيام – وبعد أيام من إعلان وزارة الخارجية الإيطالية أنها تشعر بالقلق من اختفائه الغامض – تم العثور على جثة ريجيني في حفرة بالقرب من طريق صحراوي سريع بين القاهرة والإسكندرية، وعندما فُحصت الجثة في روما تبين أنه تعرض للتعذيب والحرق والضرب والتشويه ونزع أظافره وكسر بعض أضلاعه قبل وفاته كما وجد نزيف في المخ.
حملت واقعة قتل ريجيني كل علامات القتل خارج نطاق القضاء من قبل شرطة أمن الدولة ، التي يعتقد أنها وراء مقتل 474 مصرياً في عام 2015 وحده.
لكن قضية ريجيني تبرز وسط قائمة طويلة مماثلة، فقتله هو المرة الأولى التي يُستهدف فيها باحث أكاديمي أجنبي يعمل في القاهرة ، فسابقيه من الباحثين الأجانب، كان من المتوقع أن يتعرضوا للمضايقة أو حتى الترحيل بسبب عملهم، ولكنهم كانوا يعتبرون “محميين” جسديًا بالجنسية الأجنبية التي يحملونها.
في إيطاليا استعرضت التقارير الصحف احتمالات قد تكون السبب وراء مقتل ريجيني ، ومنها حساسة الأبحاث التي كان يقوم بها حول قضية النقابات العمالية في مصر، واتصالاته لجمع المعلومات للبحث وحتى عمله الصحفي الذي كان يمارسه على جانب من أبحاثه تحت اسم مستعار، في صحفية وصفت بالشيوعية في إيطاليا اسمها “المنديستو”، ومعروف عنها انتقادها للحكومة المصرية.
تحولت القضية إلى مشكلة دبلوماسية بين مصر وإيطاليا، اللتان تربطهما علاقات اقتصادية وتجارية وعسكرية عميقة، لكن لم تظهر أن إيطاليا – بخلاف الحديث السياسي الصارم – مستعدة للضغط الحقيقي على مصر.
في اليوم الذي اختفى فيه ريجيني ، كان في طريقه لمقابلة صديق يدعى جينارو جيرفاسيو ، وهو محاضر في قسم العلوم السياسية في الجامعة البريطانية في القاهرة بالقرب من ميدان التحرير.
جوليو لم يكن الباحث الأجنبي الأول الذي يدرس العلاقات العمالية في مصر، كان هناك آخرون، منهم ثلاثة أشخاص درسوا العلاقات العمالية في مصر – وهو موضوع حساس للحكومة المصرية – وتم احتجازهم أو ترحيلهم أو منعهم من العودة إلى البلاد منذ عام 2011.
القضية البحثية لجوليو ريجيني جعلت له اتصالات بنشطاء في الحركة العمالية في مصر، مما يرجح أن ذلك جعله هدفاً للأجهزة الأمنية في تتبعه، وزاد من الضغط على أصدقائه المقربين لتجنب التحدث إلى وسائل الإعلام ، لحماية سلامتهم الشخصية.
ورغم أن مقتل ريجيني تسبب في حالة من توتر في العلاقات بين مصر وإيطاليا ، بعد أن التي استدعت الأخيرة سفيرها في مصر، لكن لاحقاً عادت العلاقات بين البلدين بعد أن أعيدت روما مبعوثها إلى مصر في أغسطس 2017، كما قالت أنها ستواصل البحث عن قتلة ريجيني.
منذ البداية لم يبد وجود أي أمل في إجراء تحقيق عادل يظهر حقيقة من قتل جوليو ريجيني، وبعد قرابة ثلاثة أعوام على مقتله، وفي نوفمبر عام 2018 ، دعت إيطاليا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لحضور مؤتمر ليبيا في باليرمو، وكانت الزيارة الأولى منذ اختفاء جوليو ريجيني في القاهرة في عام 2016.
من الجدير بالذكر وجود علاقات تجارية بين البلدين، أهمها، الأعمال التي تقو بها مجموعة الطاقة الايطالية المدعومة من الدولة “ايني”، والتي أعلنت العام الماضي عن اكتشاف حقل ضخم للغاز الطبيعي في مصر.
ربما الأهم من ذلك ، أن إيطاليا ستعتمد على دعم مصر السياسي في حالة تدخلها عسكرياً في ليبيا.