إسلام محمد عبد القادر بكير
إسلام محمد عبد القادر بكير عاش من أجل أسرته وخطيبته؛ وقد ودعهما قبيل رحيله بدقائق في الثانية من فجر اليوم التالي لـ”جمعة الغضب”، ثم من أجل إسقاط نظام مبارك الذي حرمه من فرصة عمل رغم تفوقه؛ وحينما وجد شركة سياحية تقبله فوجئ بأن هناك مَنْ دفع 25 ألف جنيه ليحصل عليها بدلًا منه، ثم عاش أخيرًا من أجل أصدقاؤه الذين مات بين أيديهم.
تخرج في كلية الآداب قسم الحضارة الأوربية دفعة 2010م، ورغم ضحكته التي اشتهر بها وآماله إلا أنه لم يجد مالًا كافيًا للزواج من خطيبته، فكان يقول لها:”هنتجوّز مجرد ما أشتغل وأكون نفسي”، لم يكن يدري شيئًا عن السياسة، اللهم إلا متابعة المواقع الإخبارية الإلكترونية، لكن القهر دفعه دفعًا إليها بعد أشهر من البطالة والمعاناة من الواسطة، لذلك لم يسترد إبتسامته إلا لما علم بوجود متظاهرين في “ميدان التحرير”؛ وفي أول أيام الثورة وهو في طريقه لأول مظاهرة في حياته سأله رفاق دربه: “بتضحك قوي ومبسوط ليه؟”؛ فقال: “إحنا هناخد حقنا، أخيرًا هنقول لا للظلم، أو نموت ونبقى فداء للعدل”!
يوم 25 من يناير/كانون الثاني 2011م ظل صامدًا في الميدان حتى أصابه الرصاص المطاطي في قدمه وأسال دمه، وكان عليه الراحة في البيت وظن أصدقاؤوه أنه لن ينزل للتظاهر ثانية وأن دوره انتهى بالإصابة؛ لكنه بعد يومين فقط تبرأ من الراحة في البيت وقرر المشاركة في مظاهرة قرب بيته وأيضًا “جمعة الغضب”، رغم مخاطر الرحلة من “حي الخانكة” حيث يُقيمُ إلى “ميدان التحرير”؛ حتى تشبعت رئتاه بالقنابل المُسيلة للدموع المخترقة لوسيلة المواصلات المتاحة أمامه: “مترو الأنفاق”.
رأى “الداخلية” وهي تنكسر أمام عينيه فانتشى متناسيًا ما لاقاه من عذابات في سوق العمل؛ بخاصة وهو يشاهد الميدان يفيض بالثوار؛ رغم الرصاص الحي وقنابل الغاز والمطاطي، ولم يستطع الاتصال بأسرته لقطع النظام الاتصالات يومها وأولها الهاتفية، لكنه في فجر الخميس 29 من يناير/كانون الثاني اتصل بخطيبته ثم بأسرته من أقرب هاتف أرضي ليودعهما، وكانت آخر كلمة قالها لوالدته:” قولى لبابا إنه خلّف رجالة!”، مؤكدًا لها قبلها أنه بخير و”سيعود قريبًا”، أما آخر هتاف صاح به (بحسب رفاقه الثوار) فكان “الشعب يريد إسقاط النظام”.
مرت أكثر من ساعة عقب المكالمة، وكان قضاء الله قد حان إذ تلقى الشهيد 5 رصاصات في الظهر أسفرت عن استشهاده فورًا، ليتلقى أخوه حسام مكالمة من “مستشفى المنيرة العام” يطالبه بتسلم جثمان أخيه، فيقول: ” لم اصدق المكالمة وكأنه هزار (مزاح) من أصدقائه، لدرجة أني طالبت المتحدث من المستشفى بالتكرار أكثر من مرة .. إلى أن استسلمت (لتصديق) ما قاله، واتصلت بشقيقي الأكبر، وذهبنا لاستلام الجثة .. ثم جئنا بها إلى البيت في تمام الساعة السابعة صباحًا”.
عندما تعود ذكرى إسلام يقول أبوه بأنه يشعر وكأنه في “عيد للحرية”، ولهذا فهو والأسرة لم يربحوا غير كرامتهم وكرامة الوطن:”حتى لو كان المقابل دم شهدائنا جميعًا، فمصر لا تكفيها دماؤنا جميعًا”، على حد قوله، مُضيفًا: “ملايين الدنيا مش هتعوضني عن إسلام، الفلوس اللى أخدتها من الدولة اشتريت بيها أرض وبنيت جامع لإسلام ولإخواته الشهداء… لا ينقصنا فقط سوى تكريم محترم من الدولة لأهالي الشهداء كل عام يليق بما قدمه الشهداء من تضحيات لتكون مصر فى وضع أفضل وتسترد كرامتها”.
قال عنه أحمد أمين، أحد أصدقاؤوه: “إسلام بكير كان من أشجع الناس في بلدنا، على الأقل كان أشجع من كل الذين اختاروا أن يختبأوا في بيوتهم مثل الفئران، وتركوا الميدان للأسود من أمثاله”.
رابط بفيديو لصور للشهيد:
المصادر:
1ـ جريمة القرن | «إسلام بكير».. 5 رصاصات لقتل الحالم بالعدالة ـ مها البهنساوي ـ الوطن ـ 7 من يونيو 2012م.
https://www.elwatannews.com/news/details/13017
2ـ عامان على «الورد اللى فتَّح فى جناين مصر» ـ المصري اليوم ـ 25 من يناير 2013م.
https://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=368571&IssueID=2756
3ـ مدونة فساد الفلول ـ من هو الشهيد إسلام بكير.
http://flolmisr3.blogspot.com/2012/06/blog-post_607.html
4ـ صفحة احكيلي عن شهيد على الفيسبوك ـ إسلام بكيرـ 25 من يناير 2014م.
#احكيلي_عن_شهيد (اسلام بكير)اسلام محمد عبد القادر بكيرتاريخ الميلاد: 01/03/1989توفى:…
Gepostet von احكيـــــلي عن شهيــــد am Montag, 20. Januar 2014
5ـ بالفيديو.. قصة الشهيد إسلام بكير كان يحلم بفرصة عمل وشارك في الثورة للقضاء على المحسوبية والواسطة ـ محمد سليمان ـ محمود زهيري ـ موقع أهل القرآن ـ 9 من أغسطس 2011م.
http://www.ahl-alquran.com/arabic/printpage.php?doc_type=0&doc_id=19143
6ـ ذكرى وفاة الشهيد اسلام محمد عبد القادر بكير ـ موقع ديدبورد ـ 26 من يناير 2014م.
http://mydeadboard.blogspot.com/2014/01/blog-post_3401.html