إسراء لطفي
في يوم 24 من يوليو 2013، بعد إعلان إستيلاء الجيش المصري علي السلطة، وعزل الرئيس المنتخب، كانت إسراء لطفي (18 عامًا) تدخل إلى “اعتصام النهضة”، الذي كان يقع أمام جامعة القاهرة للمرة الأولى على الإطلاق، إذ لم تكن مُهتمة بالسياسة أو الثورة من الأساس، بل كانت مسرورة بنجاحها في الشهادة الثانوية وبالتالي التحاقها بالجامعة، رغم انشغال أسرتها وقتها بمصير البلاد وتأييدها للرئيس المُنتخب.
فيما كانت الفتاة تستعد لتناول سحورها مع أسرتها في خيمة بالميدان ناحية تمثال النهضة ، استشعرت إسراء روحًا جديدة تسري في كيانها نتيجة وجودها بين الثوار، بحسب ما نقلته والدتها مضيفة أنها قالت: “سوف أُواظب يُوميًا على الحضور للميدان والمُشاركة في الاعتصام”.
بعد قليل بدأت قوات الأمن مدعومة من بلطجية في إطلاق النيران، واستهداف المُعتصمين السلميين بالخرطوش والأسلحة البيضاء، ضمن سلسلة من الأحداث الدامية التي سبقت وتلت مذبحة رابعة العدوية.
كانتِ الشهيدة قد صلّت التراويح والجنازة على أحد الضحايا، وفُوجئِتْ بانهمار الرصاص الحي من فوق مباني الجامعة وكلية الهندسة التي تُواجههم، فأسرعت هاربة من الطلقات إلى الخيمة، لكن رصاصة أحدهم (قيل إنه كان شرطي، وذكرت أخبار أخرى أنه من البلطجية) أصابت خلفية رأسها بحسب تقرير نشر عنها.
أصاب الطلقة الراحلة وفشلت جهود أطباء المستشفى الميداني في إسعافها، فحملها شقيقها وهي مُغطاة بملاءة، وهو يصرخ في ألم في صُورة مُوثرة نشرت وقتها.
وعقب دفن جثمان إسراء أسرعت والدتها إلى ميدان النهضة مُجددًا لتلتحق بصفوف المُعتصمين، وعند دخولها الخيمة التي أصيبت فيها ابنتها قالت :”كان نفسي أجيب لها هدية نجاحها قبل ما تموت، بس ربنا هو اللي هيجيب لي حقي، ربنا أقوى من السيسي والجيش والشرطة”.
كما أشارت الوالدة إلى دماء ابنتها المُوجودة على سجاد الخيمة، والذي لم يكن جفّ بعد، ليحاول كثيرون التخفيف عنها، و تذكيرها بأنها ستلقى نجلتها عند الحوض في الجنة، وأضافت أنها اُضطرتْ إلى المبيت في الميدان نظرًا لوجود زوجة شقيقها المُنقبة خوفها عليها من الاعتقال أثناء رحلة العودة إلى المنزل، وإن نجلتها قضت الليل كله تصلي، بحسب فيديو نشر عن الواقعة.
بعدها وقفت والدة الشهيدة على منصة النهضة هاتفة في المتظاهرين وهي مُرتدية ملابس بيضاء:”لا تحزنوا على أبنائكم الشهداء، استمروا بالميدان ” وأيضًا “طالبتِ المُعتصمين بالثبات، فبرغم من ضياع قره عينها فهي ما زالت ثابته حتى ننال الحرية والديمقراطية” مُشددة على “أن الشهيدة إسراء كانت تقوم بإرسال رسائل (نصية من هاتفها المحمول) إلى أصدقائها تدعوهم فيها للاعتصام، وأن آخر كلمات سمعتها منها قبل أن تُلاقي ربها، “اللهم انتقم من الظلمة، حسبنا الله ونعم الوكيل”، وتابعت بصوتٍ مُتقطع من البكاء: “أنا احتسبت بنتي عند الله، أنا مش حزينة عليها .. أنا حزينة على فراقها فقط.”