أسماء صقر
والدها المهندس والاستشاري الأكاديمي التربوي محمد هشام حسني صقر، الذي يروي قصة استشهادها في 14 من أغسطس/آب 2014 فيقول إنها صدقتْ الله فصدقها، إذ طالما قالت: “أنا عاوزه أروح عند ربي”؛ وكانت رأتْ رؤيا بعد استشهاد المجاهد الفلسطيني سعيد صيام (سعيد محمد شعبان صيام 22 يوليو 1959 – 15 يناير 2009 وزير الداخلية في أول حكومة لحركة حماس)، وفيها يقول الأخير لها: “تعالي معي”، فذهبتْ وراءه؛ إلا أن والدتها وزوجها استوقفاها قائلينِ: “ليس الآن”؛ ومؤخرًا كانت تقول لأهلها: “حان الوقت الآن”.
اعتادتْ أن تترك ابننتها رحمة بالصف الأول الابتدائي، ويحيي الذي بمرحلة الحضانة لتذهب إلى رابعة ليلًا، وكثيرًا ما طلب والدها منها أن تقلل من مرات اعتصامها، فكان يقول لها: “الأولاد يحتاجونك”؛ وكانت ترد: “يعني بلاش شهادة عشان الولاد”؛ هذا غير كونها حاملًا في جنين في الشهر الثالث.
أُصيبَ زوجها الصحفي عصام فؤاد برصاصة قناص في قدمه قبل رحيلها بقليل، ولإنه يعرف شوقها الشديد إلى الشهادة أخذها معه إلى المستشفى الميداني، بعد استناده إليها في الطريق، ثم رفض تركها تغادره؛ وفي الطابق الثالث من المستشفى أصابتها رصاصة قناص من طائرة اُستشهدتْ فورها، رغم تأكيد زوجها وجود ثلاث سيدات بينها وبين النافذة.
علمتْ والدتها باستشهادها فجاءت للميدان؛ ولما لقيت زوج الراحلة واستوثقت الخبر منه خرت ساجدة لله.
تدرجت الراحلة في تعليمها حتى تخرجت من كلية العلوم بنات بجامعة عين شمس، وعملتْ في مجال الدعوة إلى الله عبر الكلمة منذ كانت في الجامعة فكان لديها مدونة “نداء” تخاطب فيها الزوجة والفتاة والطالبة الملتزمة، وأصدرت مجموعة قصصية بعنوان ” قفزة إلى الحياة”؛ كما عملتْ في عدد من المواقع الإسلامية ككاتبة واستشارية أسرية من مثل إخوان أون لاين؛ عقب رحيلها قامت شقيقاتها وصديقاتها بجمع كتاباتها في كتاب بعنوان ” نداء” وصدر عن مكتبة الإعلام بمدينة نصر.
حرصتْ على عدم الزواج إلا من شاب يؤمن بشمولية الإسلام ويعمل من أجل التمكين له، لا مجرد أن يكون صالحًا في نفسه، فتأخر زواجها حتى قرب السادسة والعشرين من عمرها القصير.
أكد صديق والدها سيد شيبة في كلمات نعاها بها على حركتها الدائبة في الميدان من وقوفها بلجان الاستقبال والتفتيش للنساء؛ لعملها ضمن فريق منتقى من زميلاتها على تطوير وجود السيدات فيه.
بعد استشهادها تقدمت مسيرة انطلقت من شارع عباس العقاد حتى منزل الشهيدة وردد الآلاف المشاركون فيها: “قتلوا أسماء ليه .. كانت إرهابية وألا إيه؟!”، ونزل إخوتها ووالدتها إلى المسيرة مرددين الهتاف مع الثوار.
رثاها زوجها بكلمات قليلة وقصيدة طويلة جاء فيها: “أيتها الملكة أشهد الله أنك قد غمرتيني، يا خير نعيم الدنيا وحسن ثواب الآخرة.. قد كنت أعلم أن الجنة تتزين لك، ألا أخبرك سرا: هي اليوم تتزين بك بإذن الله..
أكتب رثاءك أم أخط رثائي *** يا زينـــــة الأحيــاء والشهداء
يا جنة قد عشتُ فيها منعما *** وعرفتُ منــها راحتـي وهنائي
كيف الرحيل وقد وعدتكِ أنني *** أبغي رضاءك ما يــكون بقائي
رابط ببعض كلمات الشهيدة: