أحمد هلال عبد الحفيظ بشير/كوارشي
أحمد هلال عبد الحفيظ بشير شاب أسمر اللون لذلك اشتهر باسم كوارشي. وُلِدَ في قرية اسمها قورته بالنوبة في محافظة أسوان بأقصى جنوبي مصر؛ تُوفى أبوه الكفيف قبل ثورة يناير بأشهر قليلة، تاركًا زوجته “أمّ أحمد” أو السيدة نوال عوض وشقيقاته الأربعة اللواتي لم يتزوجن أمانة لديه.
كان أحمد يجتهد لإيجاد لقمة عيش لعائلته مُقيمًا معهم في نهاية شارع أحمد زكي بالمعادي، ورغم أن عمله كسائق خاص كان يأخذ أغلب ساعات يومه؛ إلا أنه فوجئ في يوم جمعة الغضب بالرصاص الكثيف ينطلق من سطح بناية عالية في الشارع قرب “قسم شرطة المعادي” بإتجاه المتظاهرين، الذين يحاولون عبور طريق الكورنيش في اتجاه ميدان التحرير .
خجل أحمد (ذو التعليم المتوسط والحاصل على دبلوم تجارة) من نفسه؛ إذ يبقى في البيت فيما يسقط الشهداء في الشارع، فقال لأمه: “هأنزل يا أمى أشوف إيه اللى بيحصل؛ ولو مت خللي بالك من البنات”.
وبالفعل أسرع متحركًا تحت أعين القناصة ليحمل الشهيد تلو الآخر إلى “مستشفى المنارة الخاصة” في نفس الشارع؛ وكانت الأخيرة ترفض استقبالهم فيبحث عن مستشفى آخر، ثم يعود راغبًا في إنقاذ متظاهر جديد، حتى بلغ ما حمله بين يديه أربعة شهداء من ثمانية لقوا الله في ذلك اليوم من سكان شارع زكي.
لم يكن الشهيد مباليًا بالموت حتى استهدفه قناص برصاصة هشمتْ واخترقت قفصه الصدري وأودت بحياته في الحال.
بعد مغادرة الشهيد البيت تقول أمّه لإحدى الصحف: “قلبي كان مقبوضًا، فهو قلبي وابن عمري .. شعرتُ أن هناك شيئًا سيحدث، فنزلتُ أنا وبناتى نبحث عنه، وقابلنا عددًا من المصابين وقمنا بربط جراحهم لوقف نزيف الدماء، فأخبرني أحدهم أن ابنى مات، فأخبرته بما كان يرتدي فقال لي: هو فى مستشفى الأمل؛ ثم (ذهبنا) وتسلمنا جثته وبها طلق ناري فى صدره”.
أكد الطبيب لأمّه وشقيقاته أن أحمد اُستشهِدَ منذ ساعتين، ونصحهم باستلام الجثمان الطاهر بدلًا من “البهدلة” (على حد قوله) ليُدفن في ظهر اليوم التالي؛ وتُعلق صوره على أعمدة النور في الشارع الذي أقام ولقي الله فيه حتى أزالها الحي في عام 2014م بحجة التطوير الذي لم يحدث!
لم تبق عائلة الشهيد في القاهرة كثيرًا بعد رحيله، وشدت الرحال إلى النوبة مجددًا بعد رحيله بأسابيع، وفي مايو/آيار 2011م وعد محافظ أسوان حينها بصرف 17 ألف جنيه كتعويض لعائلته، بالإضافة لشقة بمشروع إسكان الشباب في “منطقة الصداقة الجديدة” بمدينة أسوان؛ مع تأسيسها ودعمها بالأجهزة الكهربائية، وإطلاق اسمه على أحد شوارع أو ميادين المحافظة؛ لكن في نهاية الشهر صرحت والدة الشهيد بأن المحافظ لم يفِ ولم ينفذ أيًّا من وعوده!
المصادر:
1ـ رحلة البحث عن أثر الشهداء في شارع أحمد زكي بالمعادي.. هنا قُتل 8 بـ«جمعة الغضب» ـ المصري اليوم ـ 28 من يناير 2016م
.2ـ صفحة البومات صور الثورة المصرية على الفيس بوك.
3ـ السيد: 17 ألف جنيه وشقة لأسرة أحد شهداء الثورة ـ اليوم السابع ـ 20 من مايو 2011.
4ـ صفحة القصاص للورد إللي فتح في جنانين مصر على الفيسبوك.
5ـ كتاب 2011 عام الثورة ـ عثمان الدلنجاوي ـ كتاب الجمهورية.
6ـ صفحة النوبة على الفيس بوك.