أحمد سعد مصطفي علي
أحمد كان زوجاً وأباً لطفل صغير، وطفل آخر في رحم أمه بقى على وصوله للدنيا شهر واحد، سائق تاكسي يعمل في محافظة بني سويف، الدرس الأول الذي تعلمه من أبيه هو أن الرجولة هو أن يساعد الإنسان من يحتاج في وقت الشدة، لذلك كان دوماً يشارك أهل قريته في كل أوقاتهم الشدة قبل الفرح، والمأتم قبل الفرح.
عندما بدأت المظاهرات كان أحمد يشاهدها في التليفزيون مع أسرته، لم يكن من الذين خرجوا مع الخارجين، لكنها كان يشعر بالظلم ويقول لوالده ” إلى متى نتحمل هذا الظلم.” وكان رد والده ” كله بوقته يا أحمد.”
في يوم 29 يناير، خرج أحمد للقيام بعمله في مدينة ببا، محافظة بني سويف، وفي منتصف المظاهرات، وبينما كانت المظاهرات مشتعلة، بدأت قوات الشرطة إطلاق الرصاص الحي العشوائي علي المتظاهرين فتساقط المصابين والشهداء أمام مركز شرطة ببا، وأخذ أحد يساعد بسيارته في نقلهم إلى المستشفى، بحسب ما ذكره شهود العيان لوالده لاحقاً، استطاع أحمد نقل ثمانية مصابين، نجا منهم أربعة، وتوفى منهم أربعة أثناء نقلهم للمستشفى.
وبينما أحمد ينقل مصاب آخر، أطلق رجال الشرطة النار عليه، فسقط أرضاً، ولم يستطيع أحد أن يحمله لأن الشرطة وقتها كانت تطلق النار على أي شئ متحرك.
في نهاية الأمر تم نقل جثمان أحمد إلى المستشفى، وعندما ذهب والده يستلمها” رأيت الذل والمهانة كي أستلم جثة ابني.” ولم يحصل والد أحمد على تقرير يبين سبب الوفاة، لذلك كان عليه بعد 17 يوم من الوفاة أن يوافق على فتح قبر أحمد ليقوم الطبي الشرعي والنيابة بمعاينة الجثة وتبين سبب الوفاة.
تتذكر زوجته ولاء على سيد شوقي آخر مكالمة له معها ” اتصلت به في الساعة السابعة مساء، فكان صوت الرصاص من حوله، سألته أين أنت رد صارخاً الشباب بيموت يا ولاء، المجرمين بيضربوا بالرصاص الحي، أنا موجود عند قسم الشرطة، وبحاول أرفع المصابين، اطمئني، أرجع بعد شوية، ابقى في منزل والدك.”
لم يمر وقت طويل حتى جاء شقيق زوجته للمنزل يخبرها أن زوجها قتل، وترك خلفه أرملة وطفلين صغيرين يعولهم والده المسن.