مريم حبشي.. السجن يقتل ولو بعد حين
بعد معاناة عامين ونصف، مع أمراض كانت نتاج عام قضته في سجون مصر، توفيت مريم عمرو حبشي (20 سنة) مساء الأربعاء، 9 ديسمبر/كانون أول 2020.
وعانت مريم من مرض الذئبة الحمراء والتهاب رئوي وآخر على صمام القلب الثالث، ومياه على القلب، وفشل كلوي، وهي أمراض أصيبت بمعظمها وهي في السجن بعد أن قضت فيه قرابة عام.
واعتقلت مريم في 2017 وهي في السابعة عشر من العمر، بعد أن تشاجرت مع أحد المخبرين أثناء تواجدها بميدان التحرير، فقام باعتقالها، ولفقت لها قضية حملت رقم 732 لسنة 2017 حصر أمن الدولة العليا، واتهمت فيها بـ “الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف القانون، ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع السياسية والاقتصادية بالبلاد”.
ورغم أنها فتاة قاصر (17 عاما)، كان من المفترض قانونا أن تعرض على نيابة الأحداث، تم التعسف معها وعرضها على نيابة قصر النيل، والتي قررت حبسها شهرا، ثم أحيلت إلى نيابة أمن الدولة.
وبعد تداول ما جرى مع الفتاة مريم، حاولت السلطات تدارك “فضيحة” عرضها على نيابة الكبار، فتم نقلها إلى دار رعاية الأحداث، وهناك أصيبت بأعراض اكتئاب حاد، بسبب مرض الذئبة الحمراء، ورفضت النيابة، حسب تقارير إعلامية، طلب المحامين عرضها على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية.
وفي 9 يوليو/تموز 2018، أيدت محكمة جنايات القاهرة قرار إخلاء سبيلها بالتدابير الاحترازية على ذمة القضية التي تم اعتقالها بسببها، ورفضت الاستئناف المقدم من النيابة على قرار الإفراج عنها، وبعدها بنحو عام تم إلغاء الإجراءات الاحترازية، وإخلاء سبيلها بعد عامين من المعاناة في ظروف غاية السوء.
خرجت مريم من المعتقل وقد تدهورت حالتها الصحية بشكل واضح، نتيجة الأمراض التي أصيبت بها، حيث أدى ذلك إلى إصابتها بالفشل الكلوي، والتهاب رئوي حاد، لتنتهي حياتها بسبب تلك الأمراض مساء الأربعاء 9 ديسمبر 2020.
ومطلع الشهر الجاري (ديسمبر)، دخلت مريم العناية المركزة في مستشفى القصر العيني بالقاهرة، بسبب مضاعفات ناجمة عما أصابها من أمراض، حيث مكثت فيها إلى أن وافاها الأجل.
كتبت مريم في ذكرى ميلادها الأخير، في 11 إبريل 2020 حين أتمت 20 عاما، تطلب من ربها أن يعوضها عن كل وجع وظلم ألم بها، وأن يدخلها الجنة برحمته، وأن تترك ذكرى حسنة في حياة كل من تعاملت معه.
كانت مريم طموحة، رغم ما مرت به من ظروف صعبة، حيث كانت تأمل في الالتحاق بكلية الطب والتخرج منها، ومما أثر في معارفها ومتابعيها، وصيتها في إحدى تدويناتها بعد شعورها بقرب الأجل، بأن يعرفها من ينادوها بالدكتورة، كونها كانت تتمنى أن تصبح طبيبة.
وفي إحدى المرات، وحين اشتد بها الألم، واستشعرت بأن مرضها عضال يضعف الأمل في شفائه، كتبت تطلب من أصدقائها الدعاء بأن يرحمها الله من عذابها ولا يطيل عليها الوجع، وواست نفسها ومحبيها بالقول “عند ربنا مافيش تعب ومافيش وجع ولاحزن.. مفيش عمليات مفيش مرض بياكل في الجسم.. حياتي عند ربنا هتبقى أجمل أكيد”.
لم تكن مريم الحالة الأولى التي توفيت بسبب أمراض خرجت بها من المعتقل، فقد سبقها في ذلك حالات عديدة أبرزها حالة الشاب مهند إيهاب، الذي أصيب بمرض السرطان داخل محبسه في مايو/أيار 2015، وتوفي في أكتوبر 2016 بعد رحلة علاج في الخارج.