حسن إبراهيم الكردي، وشهرته السيد الكردي من مواليد قرية منشية سعدون في مركز بلبيس بمحافظة الشرقية. قتل في مذبحة سيارة ترحيلات سجن أبو زعبل يوم 18 أغسطس 2013، التي راح ضحيتها فيها 37 شهيدا، من بينهم شقيقه أحمد إبراهيم الكردي، بعد إطلاق قنابل الغاز عليهم.
استشهد حسن عن 49 عاما تاركا زوجة وخمسة أولاد: “آمنة وعائشة وعبد الرحمن وفاطمة وأحمد سيف الإسلام”.
التحق الكردي بكلية الهندسة وتكنولوجيا المعلومات في جامعة حلوان، ولكنه لم يكمل دراسته بها وفضَّل ممارسة الأعمال الحرة حيث أسس مصنعا. وكان بارًا بوالديه يحب الخير للجميع ويقدم المساعدة للمحتاجين، أسس جمعية “تاج الوقار” للخدمات الخيرية، لمساعدة الفقراء والمساكين، عاش حياته يدعو إلى الله تعالى، ويأبى الظلم ويناصر الحق، كان مخلصًا لدعوته يرى في مبادئها استنقاذًا للأمة من براثن التخلف والاستبداد.
تقول زوجته “شارك حسن في ثورة 25 يناير والكثير من الفعاليات الثورية التي تلتها حتى اعتصام رابعة العدوية… كان زوجًا مثاليا بامتياز، حنونًا رحيمًا بنا يتقِ الله تعالى فينا ويتحلى بجميع الصفات الطيبة التي تتمناها أي زوجة، كما كان يلبى كل طلباتنا حتى قبل أن نطلبها، كان يحبني ويحنو عليَّ، كما كان عطوفًا على أبنائه لا يبخل على أي منهم ماديا أو معنويا”.
وتضيف أنها لم تره “إلا ملتزمًا بأداء الصلاة في أوقاتها، وخاصة صلاة الفجر، حريصًا على قيام الليل وصيام النوافل وقراءة القرآن، وكان بارا بأهله، يصل رحمه البعيد قبل القريب، وكانت سيرته حسنة طيبة”.
وتصفه ابنته عائشة قائلة: “كان حنونًا علينا ويحبنا بشدة، وكان دائمًا يقول لنا: أتمنى أن تكونوا أفضل مني في كل شيء، فأنتم مشروعي الجميل إذا نجح فقد كسبتُ كل شيء”.
وتؤكد أنه “كان يساعدني في الدراسة بلين وصبر، ولا يعنفني مهما أمضى معي من وقت في الشرح، كما كان بارًّا بالجميع، وكنت أتعجب من كونه يعامل والد ووالدة أمي مثلما يعامل أبويه تمامًا، كان عظيمًا خَلوقا أحب الجميع وأحبوه”.
تحكي زوجته عن تفاصيل وفاته قائلة “كان زوجي مقيمًا معنا في ليلة فض اعتصام رابعة العدوية الثلاثاء 13 أغسطس 2013، ومن خلال القنوات الفضائية المؤيدة للشرعية علمنا بالفض، ورأينا ما حدث بعد فجر الأربعاء الدامي 14 أغسطس فقرر زوجي الذهاب لمساندة المعتصمين، واتصل بأخيه وبعض أصدقائه للسفر إلى القاهرة… حاولت أن أثنيه عن الفكرة، وأقنعه أنه لن يتمكن من دخول ميدان رابعة العدوية، بسبب ما نراه على شاشات الفضائيات من حصار كامل للميدان من جانب قوات الجيش والشرطة والبلطجية، لكنه لم يستمع إليّ، وقرر الذهاب إلى رابعة”.
وتكمل زوجته “في أثناء الطريق كنت أحاول الاتصال به لأطمئن عليه، وكانت آخر مكالمة عندما سألته: أين أنت الآن؟ وأجابني: لقد وصلت إلى مدينة السلام، وبإذن الله فور وصولي إلى رابعة سأتصل بك لأطمئنك أنني تمكنت من الدخول. ومنذ هذا الوقت لم أسمع عنه شيئًا، إذ لم يجب هاتفه ثانية”.
وتتابع: “ظللت طوال يوم الأربعاء لا أعرف عنه شيئًا، ولا عن أخيه بطبيعة الحال، وسمعت في اليوم التالي الخميس 15 أغسطس من أحد المعتصمين الذين نجوا من مذبحة فض الاعتصام، أن هناك الآلاف من المعتقلين تحتجزهم قوات الأمن داخل استاد القاهرة الدولي، وتعذبهم ومنهم جرحى ومصابون؛ ظللت أدعو الله تعالى أن يطمئنني على زوجي، وأعرف هل هو من الشهداء أم الجرحى أم المعتقلين. وظللت هكذا حتى يوم الجمعة 16 أغسطس إلى أن اتصل أحد أصدقاء زوجي بي وأخبرني أنه اتصل به، وأبلغه باعتقاله مع أخيه وبعض أصدقائه في قسم شرطة (مصر الجديدة)”.
تضيف زوجته “كان من المفترض أن يلتقي بهم المحامون، إلا أننا فوجئنا يوم الأحد الموافق 18 أغسطس أن زوجي وأخاه ومن كان معه من المعتصمين قُتلوا حرقًا في سيارة الترحيلات التي كانت تتجه بهم من قسم الشرطة إلى سجن أبو زعبل شديد الحراسة، وحسبنا الله ونعم الوكيل”.
وعن تفاصيل استخراج تصاريح الدفن تقول زوجته: “ذهب أحد إخوة زوجي، لأخذ جثمانيْ زوجي وأخيه من المشرحة، واستخراج تصريحيْ الدفن، ففوجئ ومن كان معه من أبناء العائلة أن زوجي وأخاه لم يُقتلا اختناقا بالغاز كما أشاع الإعلام، بل تم تعذيبهما تعذيبًا بشعًا بدت آثاره على جسديهما، كما أن رائحة الموت كانت تفوح من المشرحة؛ ما يدل على أنهما قتلا منذ فترة، وأخبروني أن رؤية الجثمان كانت مفزعة، فهناك كسور في العظام، ونزع للأظافر وبعض أجزاء من الجلد وجروح غائرة ووجوه محترقة”.
وتكمل قائلة: “وفي نهاية المطاف، كُتب في تقرير الطب الشرعي: إن سبب الوفاة (الاختناق بسبب الغاز المسيل للدموع)، والحقيقة أن سبب الوفاة لم يكن اختناقا، بل القتل من شدة التعذيب الذي لم يخطر على بال بشر، حتى أن أقارب زوجي لم يتعرفوا على الشهيدين إلا من خلال الورقة التي كانت مربوطة بيد كل منهما وكُتب عليها اسمه، وذلك من شدة التعذيب الذي بدا على جسدهما، وحسبنا الله ونعم الوكيل فيمن عذبهما حتى الموت وشوَّه جسديهما، ما جعل أقارب زوجي يمنعوننا من توديعهما؛ إشفاقا علينا من أن نراهما في تلك الحالة المروعة”.
مؤكدة أنهم “لن يسامحوا أبدًا في حق زوجها الذي عُذب حتى الموت بأبشع صنوف التعذيب الوحشية، ووالله سأظل أدعو على كل فرد آذى زوجي حتى يقتص الله لنا”.
وفي سياق محاكمة المسئولين عن هذه الجريمة، قضت محكمة مصرية في أغسطس 2015، بتخفيف الحكم على نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة، المقدم عمرو فاروق، بالحبس مدة 5 سنوات بدلاً من 10 سنوات، ومعاقبة الضباط: إبراهيم محمد المرسي، وإسلام عبد الفتاح حلمي، ومحمد يحيى عبد العزيز، بالحبس مدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ. وهو الحكم الذي أيّدته محكمة النقض في فبراير 2018، بعدما أسندت النيابة إلى المتهمين الأربعة تهمتي القتل والإصابة الخطأ بحق المجني عليهم.
وقد بثت قناة “الشرق” المصرية الفضائية تسجيلا صوتيا لحوار بين مدير مكتب السيسي، وزير الدفاع آنذاك، اللواء عباس كامل، ومساعد وزير الدفاع للشئون القانونية اللواء ممدوح شاهين، يظهر طلب الأول من الثاني التدخل لدى القاضي الذي ينظر قضية سيارة الترحيلات لصالح أحد الضباط المتهمين وهو نجل اللواء عبد الفتاح حلمي.