لا زال مسلسل ضحايا المذبحة الصامتة مستمر في مصر رغم المحاولات التجميلية للمشهد الحقوقي التي تقوم بها السلطات المصرية وتروج لها وسائل الإعلام المحلية.
وخلال أقل من 24 ساعة، وفي وداع يفاقم أوجاع المصريين لعام 2022، توفي معتقلان في السجون المصرية، جراء الإهمال الطبي المتعمد من قبل السلطات، ليرتفع إجمالي ضحايا المذبحة الصامتة منذ مطلع العام إلى 36 معتقلا حسب مصادر حقوقية.
ووثق كل من، مركز الشهاب لحقوق الإنسان، والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ومنظمة نجدة لحقوق الإنسان، ومنصات “حقهم” و”جوار” إضافة إلى الحقوقيان هيثم أبو خليل وأحمد العطار وفاة المعتقل جهاد عبد الغني سليم (33 عاما)، يوم الأربعاء الموافق 21 ديسمبر 2022.
وحسب المصادر، فإن جهاد، لفظ أنفاسه الأخيرة، داخل المركز الطبي بمحبسه بسجن بدر، جراء الإهمال الطبي المتعمد والتعنت في تمكينه من تلقي العلاج بعد إصابته بالسرطان في محبسه.
وجهاد، من مركز أبو كبير التابع لمحافظة الشرقية، واعتقل في سبتمبر/أيلول 2015، على ذمة قضية سياسية تم الحكم عليه فيها 15 عاما، وأصيب بسرطان في الحلق والفك منذ قرابة عامين، وبسبب عدم تلقيه للعلاج تدهورت صحته وانتشر المرض في أجزاء متفرقة من جسده.
ورفضت السلطات المصرية طلبات متكررة من أسرة “جهاد عبد الغني” للخروج والعلاج خارج السجن، كما تعنت إدارة سجن أبو زعبل في السماح له بالعلاج في مستشفى مناسب، ولو على نفقة أسرته، وذلك بعد إجرائه تحاليل في مستشفى الجامعة أثبتت إصابته بخلايا سرطانية تحتاج التدخل الجراحي العاجل قبل أن تتفاقم حالته، وهو في عامه السابع.
وعلى مدار سنوات سجنه السبعة، حرم ولداه سيف (9 سنوات)، وحبيبة (13 عاما)، من رؤيته بسبب ظروف الاعتقال التعسفي والاختفاء المتواصل.
وكتب الحقوقي أحمد العطار “نشرنا على مدار سنتين أو أكثر استغاثات عن جهاد وأنه عاوز يتعالج.. للأسف تركوه في سجن الزقازيق وليمان أبو زعبل 2 لغايه لما السرطان تمكن منه بدون علاج ولا رعاية.. الله ينتقم من كل من كان له يد في عذابه ومرضه ووفاته”.
كما وثقت مصادر حقوقية، وفاة المعتقل أشرف عبد السلام إبراهيم منصور الشهير بـ “أشرف السلمى” (47 سنة)، الأربعاء 21 ديسمبر 2022، داخل محبسه بسجن برج العرب في محافظة الإسكندرية، نتيجة ظروف الاحتجاز غير الآدمية، والإهمال الطبي الفاحش.
حيث وثق مركز الشهاب لحقوق الإنسان، والشبكة المصرية للحقوق والحريات، ومنظمة نجدة لحقوق الإنسان، ومنصة “حقهم” إضافة إلى الحقوقي هيثم أبو خليل رئيس مركز ضحايا، وفاة أشرف عبد السلام نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
والأستاذ أشرف عبد السلام أب لـ 4 بنات، وهو من قرية “المانسترلي” التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، وهو ذات المركز الذي يتبع له المعتقل السابق، وكان يعمل مدرسا للتربية للرياضية بوزارة التربية والتعليم، وتم اعتقاله في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وحكم عليه بالسجن 15 سنة.
وكان أشرف قد دخل في إضراب مفتوح عن الطعام في 9 نوفمبر 2021 احتجاجا على سوء المعاملة في سجن الزقازيق، فتم الاعتداء عليه بالضرب المبرح وإيداعه التأديب ثم ترحيله لاحقا إلى سجن برج العرب.
وأدانت المؤسسات الحقوقية، الإهمال الطبي الذي تعرض له المعتقلان، وحملوا السلطات المصرية وزارة الداخلية خاصة مسؤولية وفاتهما، كما طالبوا بالإفراج عن جميع المعتقلين
وحسب مصادر حقوقية، فقد بلغ عدد ضحايا المذبحة الصامتة خلال 2022، 36 معتقلا، بينما توفي خلال عام 2021 الماضي، 60 محتجزاً في السجون المصرية بحسب ما وثّقت منظمة “نحن نسجّل” في إحصائيتها السنوية. ومن بين هؤلاء 52 ضحية من السجناء السياسيين وثمانية من الجنائيين، من بينهم 6 أطفال.
أمّا عام 2020، فقد شهد وفاة 73 محتجزاً نتيجة إهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر. وخلال السنوات السبع الماضية، قضى نحو 774 محتجزاً؛ 73 في عام 2013، و166 في عام 2014، و185 في عام 2015، و121 في عام 2016، و80 في عام 2017، و36 في عام 2018، و40 في عام 2019.