يبدو أن ذكرى مذبحة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة لم تعد كافية لدى النظام المصري لإحياء الألم والوجع لمواطنيه، حيث شهد الأسبوعين السابقين للذكرى 3 حالات وفات نتيجة “التعذيب والانتهاكات” بمراكز الاحتجاز، كما شهد يوم الذكرى والأسبوع اللاحق له 4 حالات وفاة جديدة.
فيما لا يزال الغموض يكتنف مصير محتجزين بسجن جمصة الواقع بمحافظة الدقهلية (دلتا النيل)، بعد تقارير تتحدث عن العديد من الوفيات فيه نتيجة التعذيب واندلاع حريق فيه.
وفي الرابع عشر من أغسطس/آب الجاري، حلت الذكرى التاسعة لأكبر مذابح العصر الحديث، حسب مؤسسات حقوقية دولية، والتي سقط فيها مئات المصريين قتلى على يد قوات الجيش والشرطة، خلال فضهم اعتصامي ميداني رابعة العدوية والنهضة في عام 2013.
ورغم نفي وزارة الداخلية المصرية حدوث وفيات داخل سجن جمصة، إلا أنه وبعد حدوث احتجاجات ونشوب حريق في ساعات متأخرة من مساء السبت، وثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وفاة السجين الجنائي محمد سعد الدين الكومي (22 عاماً) جراء التعذيب.
وبحسب الشبكة المصرية، توفي الكومي، وهو من منطقة شبرا في القاهرة الكبرى، داخل محبسه بسجن جمصة شديد الحراسة، وكانت وفاته أحد أسباب الاحتجاجات التي اندلعت في السجن في وقت لاحق.
وبحسب الأوراق الرسمية، فإن الوفاة كانت “نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية”، فيما أشارت مصادر للشبكة المصرية إلى أن الوفاة حدثت نتيجة التعذيب الذي مورس عليه من قبل ضباط مباحث السجن وعدد من المخبرين.
وكانت أنباء جرى تداولها على نطاق واسع صباح الأحد 21 أغسطس/ آب الجاري، تحدثت عن اندلاع حريق بسجن جمصة شديد الحراسة توفي على إثره 10 مساجين على الأقل، كما انتشر مقطع فيديو قيل إنه خلال الحريق، بدت فيه النيران مشتعلة في عدد من الزنازين خلف قضبان حديدية موصدة.
وذكرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، في بيان مقتضب، تصاعد الاحتجاجات والإضرابات وإشعال النيران في سجن جمصة شديد الحراسة بعد الحديث عن وفاة عدد من المساجين واستغاثات لإنقاذ الباقين.
وقبل أحداث سجن جمصة بيومين، أعلنت جهات حقوقية، الخميس (19 أغسطس/آب الجاري)، من بينها مؤسسة العدالة، وفاة المواطن “عماد بيومي عواد الشمنديلي” (55 عاما) وهو رجل أعمال من منيا القمح بمحافظة الشرقية، وذلك في سجن الزقازيق، بعد تركه في غيبوبة داخل زنزانته 3 أيام وتجاهل طلب زملائه نقله العاجل إلى المستشفى.
وأُلقي القبض على الشمنديلي في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وسرق منه مبلغ مالي كبير حينها وتم إخفاءه قسريا لـ 3 ثلاثة أشهر قبل أن يظهر على ذمة قضيته.
كما أعلنت منظمات حقوقية، في اليوم التالي لذكرى مذبحة الفض (الإثنين 15 أغسطس) من بينها منصة “نحن نسجل” وفاة المعتقل المصري خالد عبد الحميد مرسي (63 عاماً)، بعد أسبوع واحد من اعتقاله تعسفياً في 8 أغسطس/ آب وتعرضه للإخفاء القسري.
وكان مرسي احتجز في قسم شرطة المنتزه ثان بمحافظة الإسكندرية، على ذمة إحدى القضايا السياسية، وتوفي نتيجة الازدحام الشديد داخل القسم ورفض استلام الأدوية الخاصة به من أسرته، ومع تدهور حالته الصحية، اضطر مأمور القسم إلى إصدار قرار بنقله إلى مستشفى أبو قير العام حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
بينما شهد يوم الذكرى (الأحد 14 أغسطس) الإعلان عن وفاة المحتجز المصري محمد قاسم (32 عاماً)، داخل مستشفى الساحل التعليمي في القاهرة، وذلك بعد 4 أيام من إخفائه قسريا، حيث تم إيقافه أثناء عودته من عمله في موقع بترول في منطقة الواحات بمحافظة الجيزة، والاستيلاء على متعلقاته الشخصية وجميع أوراقه الثبوتية.
وفي 9 أغسطس/ آب الجاري، توفي المعتقل مصطفى نافع رمضان (19 عاماً)، تعذيباً داخل قسم شرطة الرمل بالإسكندرية، على يد الضابط مصطفى محمد السباعي الشيوي، حسب ما وثق مركز الشهاب.
وفي اليوم نفسه، أعلنت منصات حقوقية من بينها “حقهم” وفاة المعتقل أحمد السيد علي جاب الله (42 عاماً)، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بعد إصابته بأزمة قلبية مفاجئة داخل محبسه بقسم شرطة الزقازيق ثان بمحافظة الشرقية.
وفي الخامس من أغسطس/آب الجاري، رصدت جهات حقوقية، وحقوقيون من بينهم هيثم أبو خليل، وفاة العميد المتقاعد بالجيش سامي محمد سليمان (57 عاما) بمركز شرطة الزقازيق بمحافظة الشرقية (شمال)، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة مرضه بالسرطان وظروف الحبس المأساوية، وذلك بعد اعتقال دام 6 سنوات، وتدوير على ذمة عدد من القضايا.
وحسب ما سبق، فقد قضى خلال أغسطس /آب الجاري وحتى نشر هذا الخبر 7 مصريين بمقار الاحتجاز المختلفة في مصر، فيما وثقت منظمات حقوقية 7 وفيات أخرى خلال الشهر الماضي يوليو/تموز، وكان مجموع عدد حالات الوفاة منذ بداية العم 33 حالة.
وفي عام 2021 الماضي، توفي 60 محتجزاً في السجون المصرية بحسب ما وثّقت منظمة “نحن نسجّل” في إحصائيتها السنوية. ومن بين هؤلاء 52 ضحية من السجناء السياسيين وثمانية من الجنائيين، من بينهم 6 أطفال.
أمّا عام 2020، فقد شهد وفاة 73 محتجزاً نتيجة إهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر. وخلال السنوات السبع الماضية، قضى نحو 774 محتجزاً؛ 73 في عام 2013، و166 في عام 2014، و185 في عام 2015، و121 في عام 2016، و80 في عام 2017، و36 في عام 2018، و40 في عام 2019.