محمد سيد رمضان.. البرلماني المصري الذي ترك لينزف حتى الموت

د. محمد سيد رمضان (47 عامًا) ولد بقرية بلفيا التابعة لمركز ومحافظة بني سويف، وهو متزوج وله 6 من الأبناء، 5 بنات وولد، حصل على الدكتوراه في علم النفس وعمل كأستاذ لعلم النفس بجامعة المنيا.

كان قد درس في البداية الجولوجيا في كلية علوم جامعة القاهرة، إلا أنه اتجه بعد ذلك إلى مجال علوم النفس، وتخصص فيه وحصل على العديد من الشهادات العلمية.

أصبح محمد سيد رمضان، استشاريا في في علم النفس وخبيرا تربويا ومؤسسا لمركز “تزكية” للاستشارات الأسرية، وبرع في جانب التنمية البشرية، وكان له عدد من البرامج الفضائية التي يعمل من خلالها على توعية المشاهد وبث روح الأمل والتفاؤل لديه. وكان منخرطاً في مجتمعه وترشح لعضوية مجلس الشعب وانتخبه أبناء دائرته ليعبر عنه في مجلس الشورى بعد ثورة يناير، فكان نعم الممثل لهم، ومن كلماته المعروفة بإحدى جلسات المجلس “الإنسان هو من سيقوم عليه التغيير على الأرض، ومن ثم لابد أن نغير الإنسان قبل أن نغير الواقع.. مطلوب أن نحفر البئر أن نزرع النخل أن نرفع البناء أن نعمر الصحراء.. لكن أهم من ذلك كله أن نصنع الانسان”.

يحكي عمه عبد الرازق رمضان عن آخر لقاء جمهما قبل أسبوع من استشهادة في فض اعتصام رابعة العدوية، حين قال له “سامحني أنا مقصر في حقك”، وعبر له عن أمنيته الشديدة في الشهادة.

فيما يحكي أصدقاؤه وأحبابه أنه كان مصدر طاقة وروح للعمل والتطوع، ويقول في ذلك صديقه ناجح معوض، “كان يعطينا طاقة في الحياة وكان أحدنا رغم صغر سنه حين يقصر في عمله ينظر إلى الدكتور محمد يستمد منه الطاقة وروح العمل في خدمة المجتمع ولذلك كان الجميع يحبه، المعارض قبل المؤيد”

عرف سيد رمضان بتواضعه ولينه وتبسطه مع الآخرين، وكان حاثا لغيره على الابتسام والتفاؤل، وعادة ما كان يردد في برامجه عبارة “اخلع نظارتك السوداء وكن بسامًا”، وأثمر أسلوبه وطريقته حالة من الألفة والأنس به لدى من يعامله، فوثق فيه الشاب قبل الشيخ، حسب أهله وجيرانه.

يقول أحد تلاميذته عنه “الدكتور محمد رجل أهدى إليّ حياتي، فقد كان نعم المعين على الحياة.. لست من أهله لكني من تلامذته، وآمل أن يشفع لي يوم القيامة.. تعلمنا منه أن نقف في مقدمة الصفوف”.

شارك محمد سيد رمضان في اعتصام رابعة العدوية، و أصيب برصاصة في الركبة أطلقتها قوات الأمن، أثناء محاولته لإنقاذ أحد المصابين، وكان من الممكن إسعافه، إلا أنه بسبب الحصار المفروض على من في الميدان، وافتقاد المعتصمين لما يمكنهم من استيعاب جميع المصابين، ظل ينزف حتى فاضت روحه لبارئها.

يحكي أحد مرافقيه في الاعتصام رابعة العدوية، ليلة الفض  قائلاً: “مع منتصف الليل قلنا له نم حتي تستطيع أن تواصل.. فابتسم وقال أخشى إن نمت ألا أستيقظ لصلاة الفجر.. اتركوني أجلس مع الله حتى الفجر”.

ويضيف واصفا حالته في تلك الأيام: “كان من عادته ترداد دعاء جميل وشامل، وفي تلك الأيام وخلال اعتصام رابعة لم يكن يدعو سوى بـ “يا رب نولني الشهادة” ويكررها، كما كان يقول النصر يأتي عندما يشعر الله منا أننا نستطيع أن نجلس بميدان رابعه إلي يوم القيامة”.

تروي شقيقته لإحدى وسائل الإعلام، لحظاته الأخيرة، حيث كان يوصي قبل أن تفيض روحه، بأن تصل جميع السلاسل التي سجلها للشباب حتى يستفيدوا بها، وكان يردد بكل قوة “اثبتوا.. النصر آتٍ” حتى بدأ صوته يخفت، وحضر أحد المعتصمين واسمه ناجح فاحتضنه بقوة وقال له “وأخرتها بقى يا دكتور، فرد قائلاً: ليس لها من دون الله كاشفه”.

تحكي عن تلك اللحظات الأخيرة من حياته، فتقول: “تجمع المعتصمون حوله عقب إصابته، فطلب منهم أن يقوموا بإسعاف مصاب آخر قريب منهم اسمه رجب، لأن إصابته كانت أشد، وكان كل ما اشتد عليه الألم، يرفع السبابة وينطق الشهادة ويبتسم، إلى أن وصل شقيقه اسمه علاء فأمسك يده، فنظر له الدكتور محمد نظرة أخيرة وابتسم ابتسامة فاضت بعدها روحه”.

تقول عنه زوجته، “كان زوجي رجلا عظيما بل كان رجلا بأمه، شارك في رفض الانقلاب ليقول كلمة الحق.. كان يريد لمصر حياة كريمة، وكان يهتم بصناعة الإنسان ويعمل على بناء الفرد على الطهارة والنقاء”.

بينما تحكي ابنته الزهراء، فتقول إن والدها كان من أوائل الملتحقين باعتصام رابعة العدوية منذ بدايته، وكان حريصا على اصطحابنا معه، وكان يربي فينا معاني الحرية وقول كلمة الحق وعدم الخشية في سبيل ذلك، مضيفة “كان يستحضر دائما ضرورة التضحية في سبيل الدين والوطن”.

فيما ترى ابنته تسنيم فيه الأب المثالي، حيث كان حريصا على تعليمهم كل شيء، فمع اهتمامه بتفوقهم الدراسي وتميزهم فيه، كان حريصا على تعليمهم خبرات أخرى في الحياة، وصحبتهم، إضافة إلى حنانه بهم وتحفيزه الدائم لهم، مشيرة إلى أن “كلماته كانت مفعمة بالتفاؤل والحماس”.

تميز رمضان بأسلوبه الشيق المتجدد في تناول دورات التنمية البشرية وشرح السيرة النبوية وغيرها من العلوم الأدبية والدينية، وتميز بشغفه الشديد بالعمل الاجتماعي وخدمة الناس وخصص أياما للمرور بشكل دوري للبحث عن مشاكل الناس والنظر في كيفية حلها.