في مثل هذه الأيام، تمر 10 سنوات على مقتل سيد بلال، الشاب المصري الذي كان نبأ مقتله على يد زبانية أمن الدولة في مدينة الإسكندرية أحد دواعم الغضب لدى المصريين، والذي أدى في نهاية المطاف لقيام ثورة يناير عقب الحادثة بنحو 20 يوما.
اعتقلت الشرطة المصرية سيد بلال (30 سنة) فجر الأربعاء 5 يناير/كانون الثاني 2011، من منزله بمدينة الإسكندرية، ضمن مجموعة من السلفيين، وأخضع معهم للتعذيب الشديد في إطار اتهامهم بتفجير كنيسة القديسين، لتنتهي حياة بلال تحت وطأة التعذيب وتعيد الشرطة جثمانه لأسرته بعدها بيوم واحد.
حاول النظام التنصل من جريمة قتل بلال عبر حملة إعلامية مركزة سبقت الثورة المصرية، حاولت من خلالها إلصاق تهمة تفجير الكنيسة ببلال وأبناء تياره السلفي، والذي اتضح لاحقا أنه وقع بتدبير من قبل السلطات المصرية وأجهزتها الأمنية.
وكان لهذه الحادثة أثرا شديدا على المصريين، والتي جاءت عقب حادثة مقتل خالد سعيد بـ 6 أشهر، وتزامنت مع دعوات للتظاهر في عيد الشرطة الموافق 25 يناير، فكان لها أثر في زيادة الحشد الغاضب، وظهر ذلك من خلال تسمية اليوم الخامس عشر من أيام الثورة بيوم الشهيد بلال.
عمل سيد بلال في شركة بتورجيت بعد حصوله على مؤهل دبلوم صناعي، واستمر فيها حتى عام 2006، حيث اعتقل وأودع سجن أبو زعبل لمدة عام و8 أشهر، وبعد خروجه من السجن عاد إلى عمله في الشركة كما عمل في مجالات مهنية خاصة.
كان سيد بلال حديث الزواج، أنجب طفلا سماه بلال، كان حين وفاته يبلغ من العمر عاما وشهرين، وكان ينتمي للتيار السفلي في الإسكندرية، وأدى صلاة الجنازة عليه الشيخ ياسر برهامي، أحد رموز التيار، الذي كان معروفا بنبذه للعنف، وتأييده لشرعية السلطات القائمة، كما أصدر بيانا حينها استنكر تفجير كنيسة القديسين.
يحكي محاميه، خالد الشريف، ملابسات مقتله، ويقول إنه بلال تلقى اتصالا من الضابط حسام الشناوي، صباح الثلاثاء، 4 يناير، والذي طلب منه الحضور مساء من أجل استجوابه في إحدى القضايا، فلبى بلال الطلب، وبعدها عادوا برفقته إلى منزله وقاموا بتفتيشه، وبعثروا محتوياته واستولوا على قرص صلب خاص به.
ويتابع الشريف، “صباح الخميس، ورد اتصال لأسرة سيد من مركز زقيلح الطبي، يطلب منهم الحضور لاستلام جثة سيد، حيث وجدوا بها جروحا ثاقبة في جبهة الرأس وكدمات بالساعدين وبالقدمين، إضافة لكدمات وزرقان عند الخصر والعانة، وأخبرهم المستشفى أن مجهولين اثنين ألقيا جثة بلال أمام المستشفى، ولاذا بالفرار.
يحكي من كانوا مع سيد بلال جانبا مما تعرضوا له خلال التحقيق، ما يشيب له الولدان، واللحظات الأخيرة التي عاشها سيد قبل مقتله على يد زباينة أمن الدولة، وكيف أنه أوصى رفقاءه بالاهتمام بابنه بلال، وكأنه كان يستشعر أنه يومه الأخير.
قامت أسرة بلال بتحرير محضر اتهام لجهاز أمن الدولة بتعذيب ابنها حتى الموت أمام النيابة العامة، وأرفقت معه التقرير الطبي، حيث شرعت نيابة الإسكندرية بفتح تحقيق موسع، واستدعاء كل من وردت أسماءهم من الضباط في المحضر للتحقيق.
بالتزامن مع ذلك، هددت قيادة أمنية كبيرة في الإسكندرية إبراهيم بلال، شقيق سيد وصهره خالد يوسف، باعتقالهما إذا لم يتنازلا عن اتهام جهاز أمن الدولة، حيث اجتمع بهما وعرض عليهما قرار اعتقال دون فيه اسمهما، وأنه سينفذ القرار إن هما لم يسقطا اتهامهما لجهاز أمن الدولة بقتل سيد.
لكن أسرة سيد أصرت على مواصلة الدعوى، وحثت على سرعة إصدار التقرير الطبي للجثة، حتى يتمكنوا من المطالبة بسرعة محاكمة الجناة.
تعرضت أسرة لضغوط أمنية شديدة للتنازل عن الدعوى، ما أدى لتدهور صحة أم سيد، كما تعرض إبراهيم بلال توأم سيد إلى حالة شلل نصفي، جراء الأثر النفسي للضغوط الأمنية على أسرته، لثنيها عن اتهام جهاز المباحث بقتل شقيقه.
دفعت الحادثة إلى ردود فعل واسعة، منها مطالبة محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولة للطاقة الذرية، بالتحقيق وعقاب المسؤولين عن مرتكبيها، كما تقدم مركز الشهاب لحقوق الإنسان ببلاغ إلى النائب ضد وزير الداخلية حينها، حبيب العادلي، مدير أمن الإسكندرية، محمد إبراهيم، اتهمهما بالتعذيب والقتل.
كما خرجت مظاهرة بالقاهرة تندد بالحداثة، وحملت حركة 6 أبريل وقوى المعارضة حينها، الرئيس المخلوع حسني مبارك، مسؤولية مقتل بلال.
هذه الضغوط، دفعت النيابة لتوجيه الاتهام في القضية إلى 5 من ضباط جهاز أمن الدولة المصري بالقبض على سيد بلال وباقي زملائه، لإجبارهم على الاعتراف بتفجير كنيسة القديسين وقتله بعد تعذيبه، وظلت القضية في المحاكم حتى انتهت إلى تبرئة جميع المتهمين في نهاية المطاف.