سامح عز.. شهيد يحمل شهيدا

لم ترهبه إصابته في أحداث شارع محمد محمود، وتثنيه عن الاستمرار في دربه رغم بساطة تصوراته عن الثورة وأهدافها، ليكتب له عقبها بأيام، اللحاق بمن خرج للمطالبة بحقهم والانتصار لدمائهم.

سامح عز (25 سنة) أحد شهداء أحداث مجلس الوزراء، حيث أصابته رصاصات الغدر في 15 ديسمبر/كانون أول 2011، وهو يساعد في حمل الشيخ عماد عفت عقب استشهاده، وتظل محاولات إسعافه مستمرة ليومين في مستشفى القصر العيني، إلا أنا لم تفلح، ليقضي شهيدا متأثرا بالإصابة، وتعلن وفاته في 17 ديسمبر.

أصيب سامح في أحداث محمد محمود، والتي سبقت أحداث مجلس الوزراء بقرابة شهر، وكانت الإصابة متوسطة، وبمجرد علاجه منها، أصر على معاودة النزول والمشاركة في فعاليات ميدان التحرير، رغم محاولات أسرته وعدد من ذويه إثناءه عن الذهاب للميدان مرة أخرى.

كانت إصابة سامح في أحداث مجلس الوزراء برصاصتين أسفل البطن، ولم يتعاطف العسكر مع سقوط مصابين وقتلى، وهاجموا من حاولوا إسعاف من سقط، ليتزايد أعداد المصابين، ومن بينهم سامح الذي أصيب خلال مشاركته في حمل جثمان الشيخ عماد عفت.

كان سامح شاب من أبناء مدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية، من أسرة بسيطة مكونة من 8 أفراد إضافة إلى والدته ووالده الذي توفي جراء تفاقم إصابة لحقته في حرب أكتوبر 1973، وكان متحملا مسؤولية إعالة والدته وأخت لم تتزوج بعد، وكان محبوبا لدى أفراد الأسرة، وكذلك بين جيرانه وأصدقائه.

يشهد له أهله بالاجتهاد والدأب، حيث عمل على العديد من المشاريع ليوفر معيشة حسنة لأسرته، وتنقل بينها ما بين مشاريع متعلقة ببيع الخردوات، والأدوات المكتبية وغيرها، ليستقر في نهاية المطاف على فتح محل لخدمات الكمبيوتر والانترنت، فتح له المجال لتكوين علاقات مميزة مع أغلب شباب منطقته.

تصفه والدته بأنه كان “طيبا نقيا صافيا” وتحكي بأسف وحزن كيف أنه كان مثالا للخلق، وكيف أنه كان بارا بوالده وبها.

خدم سامح في الجيش الذي قتل برصاص عسكره، وكان مثالا للالتزام والانضباط فيه، وخرج منه يحمل شهادة “قدوة حسنة”، ليجد والده محتجزا في مستشفى المعادي بعد تفاقم إصابة عينه التي أصيبت في الحرب، وظل مرافقا له قرابة شهر يعمل على خدمته وقضاء حوائجه حتى وافى والده الأجل.

تحكي والدته لعدد من رموز العمل السياسي الذين زاروها عقب استشهاد ابنها بأيام لتكريم أسرته، كيف أنها حاولت إثناءه عن الذهاب للميدان في ذلك اليوم تحديدا، لما كان يصلها من مواجهات وإصابات، فحاول طمأنتها وأكد لها أنه لا يشارك في أي مواجهات، وإنما يعمل على المساعدة وإسعاف المصابين.

حاولت الأم التأثير على فلذة كبدها بتذكيره بنية الخطبة له ليلتها، وتستحضر معها تفاصيل مبهجة للإعداد لهذه المناسبة السعيدة، وكيف أنهم تركوا له الشقة الأفضل ليتزوج فيها، وأنه أوصى شقيقه الأكبر ليجهز له بدلته البيضاء التي ارتداها حين خطبته، إلا أن كل ذلك لم يثنه عن الذهاب.

تتابع الأم المكلومة تذكرها للحظات الأخيرة لها معه، وكيف أن القلق تملكها وظلت تنادي عليه من النافذة، ليستدير ويشير إليها إشارات الوداع محاولا طمأنتها بابتسامة تعقبها ضحكة، لكنها لم تكن تعلم أن ذلك آخر عهدها به.

ظل محله مغلقا لأيام لا يجرؤ أحد على فتحه لتأثرهم برحيله، وربما لأمل مستحيل أن يعود هو ويفتحه مرة أخرى، حتى حضر وفد تكريم الأسرة، وفتحوا المحل بعد أكثر من 10 أيام من الوفاة.

استرعى الحاضرين تفاصيل بسيطة وجدوها في المحل، كونها حاجات ترجع لشهيد، فإضافة إلى أجهزة الكمبيوتر والكراسي وباقي المستلزمات الخاصة بنشاط المكان، كان هناك مصحف وسجادة صلاة ومطويات أذكار وأدعية، وحقيبة أدوية كان سامح لا يزال يأخذها جراء إصابته في أحداث محمد محمود، فضلا عن بقايا فنجان الشاي الأخير الذي شربه.

كان مع همه للمشاركة في فعاليات الثورة واجتهاده في عمله المعيشي، محبا للحياة، يتذكر إخوته وأصدقاءه الذين كانوا لا يتقبلون إلا وصفهم بإخوته، كيف أنه كان مخلصا في تشجيعه لنادي الزمالك، ومهتما بتفاصيل أدائه.

ظهر أثر وفاته ومكانته لدى أبناء منطقته فيما شهدته جنازته التي حضرها المئات، من أجواء حزن، وفي الهتافات التي رددها المشاركون خلال تشييعه ضد حكم العسكر، وأكدوا فيها على عدم تسامحهم في حق سامح، وإصرارهم على رجوعه ولو بعد حين.

Other فض إعتصام مجلس الوزراء - 17 ديسمبر 2011 victims

علاء عبد الهادي

Event: فض إعتصام مجلس الوزراء - 17 ديسمبر 2011
المهنة: طالب بالفرقة الخامسة بكلية الطب
السن: 22

الشيخ عماد عفت

Event: فض إعتصام مجلس الوزراء - 17 ديسمبر 2011
المهنة: أمين الفتوى في دار الإفتاء
السن: 52

محمد مصطفى-كاريكا

Event: فض إعتصام مجلس الوزراء - 17 ديسمبر 2011
المهنة: طالب، لاعب التنس والسباحة في المنتخب الوطني
السن: 19