المذبحة الصامتة تستمر بوفاة 4 معتقلين خلال يومين

في أقل من 72 ساعة صعدت أرواح أربعة معتقلين داخل السجون المصرية إلى خالقهم بسبب الإهمال الطبي وذلك في الفترة من 31 أغسطس حتى 2 سبتمبر الجاري، حيث عانى المعتقلين ظروف غير ادمية طوال فترة احتجازهم.

وكان بين المعتقلين ثلاثة توفوا في يوم واحد وهم صبحي السقا في سجن برج العرب بالإسكندرية، وشعبان حسين خالد في سجن الفيوم، وعبد الرحمن يوسف زوال في سجن تحقيق طرة بالقاهرة. وأما المعتقل الرابع فهو “أحمد عبد رب النبي محمود” 63 حيث فارق الحياة في سجن طرة.

“عبد ربه” والموت البطيء

“أحمد عبد رب النبي محمود” 63 سنة،  معروف ب “عبد ربه”، موظفا بمكتبة الدعوة الإسلامية، زوج وأب لأربعة بنات، أكبرهم عمرها 36 وأصغرهم 25  سنة، ويقومون جميعهم خارج مصر.  الذي توفي داخل سجن طره، يوم 2 سبتمبر، 2020 ، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من إدارة السجن. بعد ما قضى في الحبس 21 شهرا دون محاكمة، ودون توفير أدنى رعاية صحية رغم معاناته من عدد من الأمراض المزمنة.

عمل “عبد ربه” موظفا بمكتبة الدعوة الإسلامية بمنطقة محرم بك. ثم مدير دار المدائن للنشر والتوزيع، وكان دائم القراءة والإطلاع محبا للمعرفة والثقافة.

قال د. إبراهيم الزعفراني أحد أصدقاء عبد ربه منشور على فيسبوك “كان دينامو المكتبة في علاقته بالزبائن، والمؤلفين والناشرين ودور النشر الأخرى والمطابع، تراه طوال اليوم في العمل ينشر الفكرة الإسلامية ويسعى في تسويقها بخلقه النبيل ومعاملاته الراقية”.

وحول علاقته به قال:” عرفته في الثمانينات من القرن الماضي كان كثير الاطلاع والقراءة والتدقيق، خاصة في الكتب الإسلامية التي تتناول الجوانب الدعوية والحركية، كان ملاكا يمشي على الأرض، نشيطا رشيقا تراه في كل مكان دعوي”.

تم القبض على “عبد ربه” في ديسمبر عام 2018 من مطار القاهرة، وهو في طريقه لأداء العمرة وبصحبته زوجته (راية) 62 سنة، وإبنته الصغرى. تم الإفراج عن الابنة وبقى هو وزوجته معتقلين دون تهم محددة.

ظلت زوجته”راية” معتقلة لعدة شهور إلى أن تم الإفراج عنها بشروط احترازية من بينها الذهاب إلى قسم الشرطة والبقاء هناك 12 ساعة يومية.

ووفق شهادة عمرو مجدي الباحث بمنظمة هيومان رايتس ووتش عانى عبد ربه كثيرا في الحبس بلا زيارات ولا رعاية صحية، حيث كان يشكو من عدة أمراض مزمنة، مثل السكر وحصوات الكلى،  ليس ذلك بحسب، بل كانت إدارة السجن تتركه جائعاً، حيث اشتكى لأهله كثيرا من هذا الأمر بعد ملاحظتهم تدهور حالته الصحية بشكل سريع وفقدانه وزنه إلا أنهم لم يجدوا أي اهتمام بهذه الشكاوى، وهي معلومات عرفها مجدي من خلال ابنته.

وقال مجدي أن عبد ربه تعرض للإهانة والضرب والتعذيب والصعق بالكهرباء، حيث تم وضعه في سجن شديد الحراسة ولم يسمح له بالزيارات إلا كاستثناء، ولم يتمكن المحامين من الحصول على أي نسخة من طبيعة الاتهامات الموجهة إليه، حيث إنه لم يتم توجيه له تهمة محددة، إلى أن تم ضمه للقضية رقم 844، وتوجيه له تهم “عضوية منظمة ارهابية”والعمل على تقويض الدستور”وهي اتهامات شائعة من قبل السلطات المصرية ضد المعارضين.

 

القتل البطئ لا يتوقف

 

أما شعبان حسين، فقد توفى في سجن الفيوم العمومي، فقد كان يعاني من الإهمال الطبي المتعمد إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة يوم 1 سبتمبر . وكان “حسين” محكوما عليه بالمؤبد على ذمة قضية عسكرية.

عبد الرحمن زوال، 40 سنة، بعد دخوله التأديب لمدة ثلاثة أيام على التوالي توفى المواطن عبد الرحمن محمد زوال والذي يبلغ من العمر 40 عام بعد نقله إلى المستشفى مباشرة بسبب تدهور حالته الصحية في 31 أغسطس . كان “زوال” محبوسا على ذمة قضية كتائب حلوان .

أما صبحي السقا توفى في الإسكندرية داخل زنزانته بسجن برج العرب، وكان يعمل مدرساً أولا للرياضيات ونقيب المعلمين بالعامرية. جاءت الوفاة نتيجة الإهمال الطبي والمعاملة السيئة.

وتزايدت اتهامات الإهمال الموجهة إلى السلطات المصرية في السنوات الأخيرة بعد وفاة العديد من السجناء، من بينهم الرئيس السابق محمد مرسي والمخرج الشاب شادي حبش، ومؤخرا نائب رئيس حزب الحرية والعدالة د.عصام العريان.

يقدر عدد المسجونين السياسيين في مصر بحوالي 60 ألف سجين ، وفق تقديرات المنظمات الحقوقية ،في ظل إحجام السلطات عن التصريح بأي أرقام رسمية.

وقال أحد الناشطين الحقوقين “أحمد العطار” أن أكثر من 40 معتقلا توفوا داخل السجون ومراكز الاحتجاز في مصر، منذ بداية عام 2020.