نعيم محمد عبده الشربيني
بعد أن قتل نعيم محمد عبده الشربيني (41 عامًا) في مذبحة رابعة العدوية حصلتْ ابنته الوسطى منة على المركز الأول على محافظة الدقهلية في الشهادة الابتدائية في عام 2014م، لتحصل على 299.5 درجة من 300؛ وقاربت وقتها مع ابنته الكبرى أسماء، الطالبة بالصف الاول الثانوي، حفظ كتاب الله، فيما كانت الصغرى آيات، الطالبة بالصف الثاني الابتدائي تستعد لذلك أيضًا.
قالت ابنة نعيم لشبكة رصد الإخبارية إن والدها كان يوصيها بحسن الأخلاق والتفوق الدراسي، وهي تهدي نجاحها إليه، وتؤكد له أنها من بعده على الدرب الذي أراده، فيما قال شقيقه الأكبر سنًا حمدي معلم اللغة العربية للمرحلة الإعدادية إن شقيقه كان الأفضل منه، وحفظ القرآن الكريم كاملًا، وكان يحب أن يكون داعية إلى الله، مع جميل تذوقه للغة العربية، وجمال خطه في كتابتها، وطلبه الشهادة بصدق فنالها كما أراد تمامًا، أما زوجته أسماء عبد العال مدرسة الابتدائية فأكدت أن الراحل كان حنونًا على بناته يوصيها بهن بحسن مظهرهن وأخلاقهن حتى يقودنها إلى الجنة.
وكان عمر نعيم واحدًا وأربعين عامًا لما حدث التغيير السياسي في مصر بـ3 يوليو 2013م، وبالتالي عزل الجيش لأول رئيس مصري مُنتخب بصورة ديمقراطية صحيحة، ومع بداية شهر رمضان اتجه نحو ميدان رابعة العدوية في حي مدينة نصر (شرقيّ القاهرة) مُعتصمًا، وبعد أن صلى العيد بالميدان سافر لتهنئة أهل قريته إذ كان ينتمي لقرية بقطارس في مركز آجا بمحافظة الدقهلية، دون أن يعرف أحد أنها زيارة الوداع.
قضى نعيم، معلم أول اللغة الإنجليزية، في قريته أربعة أيام، اليوم الأول خصصه لوالديه وأهل بيته، واليوم الثاني زار مرضى القرية، واليوم الثالث بارك للمتفوقين في الشهادات الدراسية وكان من عاداته أن يكرمهم سنويًا، واليوم الأخير زار خلاله جميع أقاربه، ثم عاد إلى رابعة مساء اليوم التالي بعدما ودع الجميع مساء الثلاثاء وردد الشهادتين.
وصل الفقيد لرابعة مساء يوم المذبحة أو الثلاثاء 13 من أغسطس/آب 2013م في الثانية فجرًا فصلى وتناول سحوره ونوى الصيام ونام ليستيقظ على أصوات إطلاق الرصاص وقنابل الغاز والخرطوش من جانب قوات الشرطة والجيش، فأسرع بالخروج من خيمته، ناويًا مساعدة أحد المصابين بعد أن رأى العشرات منهم على الأرض، فلمحه قناص من طائرة، فصوّب بندقيته نحوه ليُصيبه برصاصة في الرأس، قتلته على الفور أمام مدخل الميدان من ناحية طيبة مول.
وُلِدَ الراحل في 27 من مايو/آيار 1972م، وتعود منذ صغره أن يخطب الجمعة، وامتاز دائمًا بالبساطة والزهد في الدنيا، بحسب أحد التقارير.
كان نعيم أحد الأعضاء المؤسسين في مشروع كفالة اليتيم في القرية، كما أعتاد إدارة المعارض والأسواق الخيرية، بالإضافة إلى كونه رياضيًا.
عمل الفقيد لسنوات في السعودية، وفي عام 2012م حج بيت الله الحرام مصطحبًا والديّه وزوجته، وأنهى جميع المعاملات المادية المُعلقة بينه وبين الآخرين بخاصة الديون، وقام ببناء مقربة لنفسه وللأسرة، وأعلن أنه سامح جميع الذين أساؤوا إليه مهما كان ما فعلوه معه، وطالبهم بمسامحته في المقابل على ما بدر منه، ثم كتب على صفحته بالفيسبوك: “اللهم أني أخرج نصيرًا للشرع والشرعية، بعت نفسي لك فإن كانت الشهادة، فلتكن رصاصة في الرأس”.
قال عنه صديقه أحمد جمال: “أشهد له بالتقوى وحسن الخلق وإتقان العمل، ورأيت له رؤيا (بعد رحيله عن الدنيا)، وكان وجهه منيرًا كالقمر وهو يقول لي (لا تحزن علي؛ فأنا هنا أسعد من الدنيا)”.
ويضيف صديقه مصطفى عوض: “(كان) نعم الآخ ، دائمًا (ما) يحثك على الطاعة، عاش هادئًا محبوبًا ومات بطلاً”.
ووصفه صديقه:مدحت أبو حسين: “عاش رجلًا كريمًا وحنونًا ، ومات شهيدًا”.
أما شقيق نعيم فقال عنه: “أخي الشهيد (كان) هادئ الطبع، خاصة في السنة الأخيرة، محبوبًا من الناس الشرفاء خاصة الطلاب (ولد عمره 13 سنه مازال يبكية ويذهب لقبره لوقت طويل إلى الآن، وحاولتُ أن أعرف السبب ففشلت؛ .. وأخي كان يعمل بالمملكة وكرموه لتفوقه التربوي وكافأته المدرسة بهدايا قيمة”.