حامد فتحي حامد عبد الرحمن

رُزقَ والد حامد فتحي حامد عبد الرحمن به في عام 1992م؛ وكان وحيده من الذكور على بنات، وتدرج حامد في تعليمه بحي عين شمس حتى وصل إلى الفرقة الأولى في كلية التجارة بالجامعة المُسماة بنفس اسم الحي، وزرع فيه جده حب النادي الأهلي لكرة القدم، حتى أنه كان يقول حامد عنه إنه حبه الأول والأخير؛ فيما كان أصدقاؤه يسمونه “سفاح الأهلي”.

وفي لقاء على قناة النهار الخاصة في 7 من فبراير/شباط 2012م، وبعد فقده نجله بستة أيام فقط قال والده إن حامدًا أصر على حضور المباراة؛ وعندما علم بوجود مواجهات حاول الوصول إليه، لكنه لم ينجح، بحسب تقرير تحت شعار “لن ننساكم”.. “شفاف” تخلد ذكرى ضحايا أحداث “بورسعيد” و”الدفاع الجوي في 8 من فبراير/شباط 2016م.

تفاصيل المأساة من البداية يرويها والد الفقيد لتقرير موقع مصرس عن جريدة الصباح في 2 من فبراير/شباط 2013م، فيقول: “ليلة المجزرة أخبرنى نجلى أنه ذاهب إلى إستاد النادي المصرى في مدينة بورسعيد حيث سيقابل النادي الأهلي”، مؤكدًا عليه: “ما تقلقش عليّ يا بابا، أنا مش راجع بالدم يا بابا أنا راجع منتصر”.

كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم البلاد بعد تنحي مبارك يُريد إشعار المصريين بأنهم غير مُهيأيين لحكم رئيس مدني فحدثت المذبحة؛ إذ قام بعض البلطجية في الاستاد بالتعدي على جماهير الأهلي دون وجود حماية كافية لمنعهم.

بعد المباراة تلقى والد حامد اتصالًا هاتفيًا من أحد الأصدقاء يقول له يجب أن تذهب لبورسعيد لأن نجلك فاقد للوعي؛ لينزل الوالد بملابس المنزل ويسافر وظل يبحث في المستشفيات عنه، فلما لم يجد نجله خطر على باله أن يذهب للمشرحة حيث كانت سيارات الإسعاف تحمل الشهداء (بإذن الله) إليها؛ وبعد أن قضى والد حامد ليلة الأربعاء الأول من فبراير/شباط 2012م كاملًا في البحث؛ وجد جثمانه في مستشفى بورسعيد العسكري بداخل كيس بلاستيكي لحفظ الموتى، وما إن فتحه حتى وجد الدماء تلطخ وجهه، فصرخ مرددًا: “حسبي الله ونعم الوكيل .. إنا لله وإنا وإنا إليه راجعون”.

في الطائرة الحربية التي نقلت قتلى المذبحة للقاهرة، يروي والد حامد أنه وجدهم جميعًا ينزفون برغم مرور أكثر من اثنتي عشرة ساعة على وفاتهم دليلًا على قبول الله لهم جميعًا (بحسب قوله).

بكى الوالد بشدة وهو يتذكر ملازمته لجثمان نجله إلى مقابر عين شمس، ورفضه مغادرة سيارة الإسعاف التي نقلته؛ رافضًا الذهاب في سيارة اخرى، ليرى عليه آثار قذفه من فوق سور الإستاد ليسقط على رأسه فيموت، ويقول أحد أصدقاء الوالد في فيديو جنازة (عزاء) حامد إنه صار عاجزًا بعد وفاة نجله، بخاصة بعد تخطيه سن الستين، فمن الذي سيقوم على شأنه ويخدمه؟!

فيما قالت والدته من بين دموعها الغزيرة: “كان حامد ابني ورحي”، وتقول شقيقته: “لقد كان جثمانه مليئًا بالجروح الصعبة، ورغم أنهم رفضوا أن يرونني أكثر من رأسه إلا أن آثار الجروح الشديدة كان ظاهرًا على رأسه وجبهته بقوة، فمتى يشعر المسئولون بالإفاقة ليحاسبوا البلطجية عما فعلوه بشقيقي؟! وقد يحدث ذلك في أبنائهم، حسبي الله ونعم الوكيل لا أملك غيرها في الضباط والجنود الذين رأوا شقيقي ومُشجعي الأهلي يُلقونَ من فوق السور وصمتوا”.

وتضيف شقيقة حامد: “صمتوا ادعاء بأنهم لا يريدون إثارة الشغب، والشغب كان مُثارًا بالفعل أمامهم، وربما لو تحركوا من أماكنهم لأمكنهم أن ينقذوا شقيقي وبقية الشهداء”.

أحد أصدقاء حامد قال: “إنه لم يمت لكنه ذهب إلى الله مدافعًا عن نفسه، والرسول، صلى الله عليه وسلم، يُعلمنا أن المدافع عن نفسه شهيد، لذلك فحامد شهيد وليس ميتًا عاديًا”.

من جانبه شدد والده على رضاه بحكم الله وقضائه وإنه “لا اعتراض”، ولكنه أكد أنه لن يفرط في حق نجله؛ ولا في القصاص من قتلته، وهو الحكم الذي سيصل للشهيد في قبره ليرتاح، وإنه (كوالد) سينتظر حقه، وإن حدث ذلك يوم القيامة (بحسب قوله).