اعتقدت إيمان أحمد متولي بأن خروجها في المظاهرات والمسيرات خاصة بعد مذبحة رابعة العدوية حراكٌ لنصرة دينها؛ ولذلك كانت تقول لوالدتها: “نحن سنحارب اليهود؛ فهل نخاف من سيارات الأمن المركزي في بلادنا؟”، بل إنها مع كثرة مشاركاتها الثورية في عامها الأخير وإصابتها بالخرطوش مرة بعد أخرى كانت تقول لأمها: “ادعي الله لي كي أنال الشهادة عمَّا قريب”.
أمها كانت كثيرًا ما تقول لإخوتها بأن قلبها يقول لها بأنها ستموت قريبًا، فيما كان الأخيرون يقولون لها ألَّا داعي لهذه المخاوف، وأن الله سيسلمها.
عملت إيمان كبائعة في محلات مختلفة لتساعد والدتها في الإنفاق على إخوتها، ورغم ذلك كتبت وصيتها عدة مرات؛ وفي المرة الأخيرة قبل وفاتها أعطتها لأختها الأصغر منها نور طالبة منها الاحتفاظ بها، فلما قالت الأخيرة لها أن ما تفعله “هبل” (على حد تعبيرها)؛ وأن حياتها ستمتد أخبرتها إيمان بأن عليها الاحتفاظ بالوصية، ولن تخسر شيئًا، بحسب تصريحات لوالدتها وأختها لإحدى البرامج بقناة مكملين.
وُلدت إيمان في يوم الخميس 26 من أكتوبر/تشرين الأول 1995م في العاصمة القاهرة، وتربتْ في حي عين شمس الشعبي، ودرستْ في الابتدائية بمعهد أحمد مسلم الأزهري، أما المرحلتان الإعدادية والثانوية فدرستهما في معهد المطرية للفتيات، كان حلمها بأن تدرس إما الصحافة والإعلام أو الشريعة والقانون لإيمانها بغياب الخبر الصادق عن بلادها، وهو ما تحقق لها قبل وفاتها بقبولها في الكلية الأخيرة.
في يوم الخميس 14 من أغسطس/آب 2014م، وفي الذكرى الأولى لمذبحة رابعة العدوية شاركت إيمان في فعالية ثورية بالمطرية، واعترض طريقها ضابط يقف فوق مدرعة فأطلق عليها في البداية الخرطوش؛ فلما تمالكتْ نفسها وقامت بعد سقوطها أطلق عليها الرصاص الحي؛ فتحاملت على نفسها محاولة النهوض بعد وقوعها على الأرض؛ فبادرها برصاصة ثانية توفيت بعدها، بحسب تصريح لوالدتها لبرنامج صدى الثورة على قناة مكملين أيضًا.
كان مقتل إيمان في يوم الخميس مثلما كان مولدها، ولقيت الله في الساعة الثانية وثمانية وثلاثين دقيقة؛ وظلت في المشرحة لمدة قرابة أربعة أيام متوالية، وجاء ضابط لوالدتها ليهددها بأنها ستبقى في المشرحة لمدة شهر ما لم ترض بأن تكتب شهادة الوفاة بسكتة قلبية، وهو ما حدث لاحقًا بالفعل وآلم الوالدة أشد الألم حتى أنها كانت تبكي في لقاء تلفزيوني قائلة: “لو كنتُ أملك لاستُشهدتُ كما استشهدتْ ابنتي تمامًا؛ وسأظل أخرج في سبيل نصرة إيماني بالله في هذا البلد؛ ورغبة في الحياة الكريمة لأهله؛ واستردادًا لحق ابنتي ودماءها وحقوق المعتقلين، ولستُ نادمة على سماحي لها بالخروج في المسيرات والمظاهرات، بل إنني أخرج الآن مثلما خرجتْ؛ ولكنني أبكي لفرط شعوري بالقهر عليها؛ وعدم استطاعتي المجيء بحقها كشهيدة”.
وفي يوم الأحد 17 من أغسطس/آب التالي عصرًا كان موعد جنازة إيمان في قرية البواردية بمركز كفر صقر بمحافظة الشرقية؛ وفوجيء المشيعون باعتداء من جانب أفراد أمن يرتدون ثيابًا مدنية بقيادة أحد فلول (بقايا أتباع) الحزب الوطني المُنحل بعد الثورة؛ مستخدمين العصي الغليظة والشوم وإلقاء الحجارة على المشيعين؛ ما أدى إلى إصابة والدة وشقيق إيمان؛ وكان عدد من شباب القرية حاولوا تصوير الجنازة لتوثيقها مما استفز المُعتدين، بحسب خبر لجريدة الحرية والعدالة في نفس يوم دفنها.
كانت إيمان مخطوبة لمحمد حسن شهيد ألتراس نهضاوي بحي المطرية، وقد لقي الله قبل مقتلها بقرابة شهرين فحسب.
أكدت والدة إبمان أنها في آخر عيد للفطر قبل وفاتها وقد وافق عام 2014م قامت بتوديع جميع أهلها وأحبابها، وكأنها كانت تدري أنها لن تلقاهم ثانية، كما شددت على أن ابنتها كانت بمنزلة مائة رجل من الراضين بالأحداث السياسية الظالمة في مصر التي واكبت التغيير عقب 3 يوليو 2013م، بحسب تقرير نساء رابعة بين أسطورة الثبات وضريبة الدم – نساء ضد الانقلاب، صفحة 17.