مصطفى متولي عبد العزيز

نشأ مصطفى متولي عبد العزيز في بيت بحي المعادي ميسور اقتصاديًا، وكان والده يعمل أستاذًا في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وأحيانًا كان يُدرسُ بمدينة بني سويف جنوب العاصمة، فيما والدته خريجة كلية هندسة، وله أخت نذرتْ حياتها بعد وفاته للمجيء بحقه.

ولما بدأت الثورة كان دائم الذهاب إلى ميدان التحرير مع أسرته بالكامل طوال الثمانية عشر يومًا منذ 25 من يناير/كانون الثاني حتى 11 من فبراير/شباط، بحسب حديث والديه لبرنامج “ست البنات” على قناة مصر 25 يوم 26 من يناير2013م.

أحب مصطفى النادي الأهلي منذ نعومة أظافره؛ حتى أن آخر تدوينها كتبها على حسابه بالفيسبوك يوم 20 من يناير/كانون الثاني 2012م، وقبل وفاته بأحد عشر يومًا كانت: “يوم ما أبطل أشجع (الأهلي) هأكون ميت أكيد”، بحسب تقرير شاركنا في تقديم العزاء.

بعد وقائع الثورة وتنحي حسني مبارك وتولي المجلس العسكري الحكم بدأت المحاولات لإشعار المصريين بعدم استقرار البلاد، وبالتالي عدم تأهلها لحكم رئيس مدني، وكان من ذلك أحداث أستاد بورسعيد في الأربعاء الأول من فبراير/شباط 2012م أثناء وبعد مباراة للأهلي مع النادي المصري بكرة القدم، والتي انتهت بفوز الأول بهدفين لهدف واحد، وعقب انتهاء المباراة هاجم بلطجية الملعب بالأسلحة البيضاء بعد إطفاء أضواء الأستاد، إذ كانت المباراة مسائية في الدوري العام المصري، ليتم وفاة نحو ستة وسبعين من مشجعي النادي الأهلي، وكان مصطفى واحدًا منهم، بحسب موقع النادي الأهلي وتحقيق – ما حدث في ستاد بورسعيد برواية شهود عيان .. مذبحة مدبرة أم انفعال مباراة؟ في الأول من فبراير/شباط 2018م.

ذهب مصطفى للاستاد مُسافرًا دون إخبار والديِّه اللذين أحسا بالندم والتقصير لعدم انتباههما لرحلة ابنهما الأخيرة التي مات فيها؛ واعترفت والدته على هواء برنامج “ست البنات” بشعورها بالندم لذلك، وكانت رحلته الأخيرة خلال إجازة منتصف العام الدراسي من الصف الثالث الثانوي العام.

عادت بجثة مصطفى إلى القاهرة طائرة حربية خاصة؛ وذلك بعد قيام أحد أصدقاء والده بتغسيله وتكفينه، ومرافقته على الطائرة، إذ أن والده ينتمي في الأساس لمدينة الإسماعيلية القريبة من بورسعيد؛ وكان أحد المُهجرين منها عقب هزيمة 1967م، وفي اليوم الرابع لوفاة مصطفى وقف والده في جامعة القاهرة ليؤبن نجله وسط تأبين 7 قتلى، بعد أداء صلاة الغائب على أرواحهم؛ وذلك عقب صلاة الظهر مباشرة.

وتوجه الطلاب من كلية الهندسة حتى قبة الجامعة رافعين صور القتلى، ومُرددين هتافات: “يا نجيب حقهم يا نموت زيهم”، “القصاص .. القصاص”، “الشعب يريد إعدام السفاح (مبارك)، كل جلسة (محاكمة) يعمل عيان، كل جلسة أعمل عيان أنت (مبارك) أصلا راجل جبان”.

وكان والد مصطفى مع أعضاء من هيئة تدريس الجامعة وسط الطلاب بحسب تقرير اليوم السابع.

بكى والد الشهيد في بداية كلمته خلال التأبين وأبكى بعض الطلاب؛ ولكنه نهر الذين شتموا قتلة الثوار ومنهم نجله، مؤكدًا على أن الحفاظ على سلامة طلاب الجامعة وشرفاء المصريين أهم لديه من نجله الآن، بحسب فيديو “كلمة الدكتور مصطفى متولى”.

وكان مما قاله: “الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون، وربنا أحن عليه منى ومن أمّه، وأطالبكم بالحفاظ على سلمية الثورة، فى أول يوليو المقبل (2012م) إذا لم يرحل المجلس العسكرى، سأكون أول شخص فى ميدان التحرير ماسك بندقية، لأن القضية مش (هتاف) يسقط حكم العسكر، وإنما مين اللى بيحرك العسكر”.

في 26 من يناير/كانون الثاني 2013م، وعقب صدور قرار المحكمة بإحالة أوراق واحد وعشرين متهمًا في أحداث مباراة بورسعيد للمفتي تمهيدًا لإعدامهم قال والد مصطفى في حوار تلفزيوني لإنه بكى من قلبه، بعدما لم يكن يستطيع البكاء حتى يشفي نفسه من حزنها، حتى وهو يمر بقبر نجله وهو عائد من عمله في بني سويف عند مقاب الأسرة بطريق القاهرة الفيوم.

وفي الأول من فبراير 2015م، ومع إعادة محاكمة المتهمين والأخبار عن إخلاء بعضهم تحدثت والدته لرصد في فيديو تحت عنوان: المجلس العسكرى كان المسؤول وقتها ولا يعفى من المسؤولية، وكان ذلك في أستاد النادي الأهلي بالجزيرة، مُدينة تذبذب الأحكام القضائية ومحاولة إهدار دم نجلها، مهددة بعذاب الله في الآخرة للمجرمين.

وفي 3 من ديسمبر/كانون الأول 2019م تُوفى الدكتور مصطفى متولي، وصُلِيَ عليه بعد المغرب في مسجد الحصري بحي السادس من أكتوبر ودُفِنَ إلى جوار الشهيد، بحسب تغريدة على تويتر في نفس اليوم.