في الثاني من مارس/آذار 2020م لفظ المعتقل وفقي محروس عبد الجابر (58 عاماً)، أنفاسه الأخيرة داخل سجن الوادي الجديد بعد إهمال طبي شديد، بحسب خبر استشهاده داخل السجن -رصد- 3 من مارس 2020م.
وينتمي عبد الجابر إلى مدينة ديرمواس الواقعة جنوب محافظة المنيا، وكان الضحية الأولى لإهمال الداخلية لمسجوني ومُعتقلي الرأي في مارس/آذار 2020م، والثالث عشر منذ بداية عام 2020م حتى مارس/آذار منه، هذا بالإضافة لآخرين قضوا عبر الإعدام أو التصفية الجسدية بنفس النوعية من القضايا بحسب تقرير بعد ارتقاء “وفقى محروس”.. السيسي يغتال 13 شخصًا بالإهمال الطبي داخل السجون في شهرين ـ التقرير ـ 5 من مارس 2020م.
لم يرتكب وفقي جريمة سوى كونه مصريًا شريفًا تخرج بكلية الزراعة، وعمل مهندسًا بمسقط رأسه؛ وعقب الأحداث السياسية في الثالث من يوليو/تموز 2013م تم القبض عليه ضمن عشرات الآلاف المُتهمين زورًا بتهمتيّ القيام بعمليات إرهابية والانضمام لجماعة محظورة وثلاث تهم أخرى؛ لمجرد أنه تظاهر سلميًا ضد عزل الجيش لمحمد مرسي، أول وآخر رئيس مُنتخب ديمقراطيًا بصورة صحيحة؛ وكان سن عبد الجابر يوم القبض عليه في 2013م واحدًا وخمسين عامًا؛ لكن النظام المصري الحالي أتحفته بأحكام عسكرية وصلتْ لثلاثة وخمسين عامًا؛ بدأها من سجن الوادي الجديد الخاص ببعض معتقلي جنوب مصر.
أوضح نجل الشهيد عبد الرحمن في تصريحات صحفية أن والده لم يكن يعاني أو يشكو من أي مرض قبل اعتقاله، لكنه والأسرة فوجئوا أثناء زيارته في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2019م بظهور إصفرار في عينيه، فأسرعوا لإبلاغ إدارة السجن الذي قالوا لهم إنه: “شيء عادي ولا داعي للقلق”.
وبعد نحو ثمانية وثلاثين يومًا، وفي الزيارة التالية لأسرة الشهيد له في محبسه، باليوم الثامن من ديسمبر/كانون الأول التالي، وجدوا حالته الصحية وقد تدهورت؛ فانتشر الاصفرار في جميع أنحاء جسده؛ فطالبوا بنقله إلى مستشفى أسيوط الجامعي، الأقرب إلى السجن لعلاجه؛ ولكن إدارة السجن تعاملتْ مع الطلب بإهمال شديد حيث نقلته للمستشفى بعد نحو سبعة وعشرين يومًا، في الخامس من يناير/كانون الثاني 2020م، وفي استهتار أشد تمت إعادته إلى سجنه بحجة عدم وجود خطاب من النيابة العسكرية بتحويله إلى العلاج.
وفي بداية شهر فبراير/شباط، وبعد نحو سبعة وعشرين يومًا أخرى قررت الداخلية نقل وفقي للمستشفى ثانية بعدما استفحل مرضه هذه المرة، واضطر الأطباء إلى أخذ عينة بالمنظار من الورم تمهيدًا لإجراء جراحة عاجلة، لكن كان الوقت قد فات إذ دخل الشهيد العناية المركزة نظرًا لتردي حالته، وحتى في هذه الحالة لم تمتنع الداخلية عن تعذيبه؛ إذ تم تقييد إحدى يديه بالسرير حتى كاد القيد أن يقطعها، واضطر ابنه عبد الرحمن إلى تقديم طلب للنيابة العسكرية لا للإسراع بإجراء الجراحة أو العفو عن والده؛ بل لمجرد أن تفك قيده فحسبه. وذلك بحسب “وضعوا يديه بالكلابشات في العناية المركزة.. وفقي محروس الشهيد رقم 13 بالقتل الطبي في 2020” ـ الحرية والعدالة ـ الأربعاء 4 مارس 2020م.
من جانبها وثقت منظمة “نحن نسجل” الحقوقية استشهاد أربعة وثلاثين مسجونًا في السجون المصرية، خلال عام 2019م فحسب، بحسب خبر لقناة وطن بعنوان مصادر حقوقية: استشهاد المعتقل وفقي محروس عبد الجابر إثر تدهور حالته الصحية في سجن الوادي الجديد عقب وفاة الشهيد.
تزامن استشهاد وفقي مع كشق منظمة “كوميتي فور جستس” عن وفاة 958 معتقلًا من الثالث من يوليو/تموز 2013 حتى 30 من نوفمبر/تشرين الثاني 2019م، وأضافت المنظمة في تقريرها “بدون محاسبة” أنه: “في الوقت الذي تقوم فيه مصلحة السجون هذه (باستقبال) زيارات (لمنظمات حقوقية) للسجون، تقوم بحرمان المسجونين السياسيين من حقوقهم القانونية الأساسية، مثل التريض أو الزيارة قبل وأثناء الزيارات التمثيلية”.
كما حذرت المنظمة من “كارثة إنسانية داخل مقار الاحتجاز المصرية تحت رعاية وزارة الداخلية والقوات المسلحة وبتواطؤ مباشر من أعلى سلطة تنفيذية في الدولة وفي ظل غياب المحاسبة وتوفير الملاذ الأمن لهروب المسئولين عن تلك الجرائم من المساءلة”، بحسب تقرير استشهاد المعتقل وفقي محروس بالإهمال الطبي في “الوادي الجديد” ـ إخوان أونلاين ـ 3 من مارس 2020م.