قال فايز فهيم السيد زقزوق لزوجته سيدة أبو العلا أحمد قبل ساعات من استشهاده في جمعة الغضب، يوم 28 من يناير/كانون الثاني 2011م: “أنا نازل وأحلى يوم لما حقوق مصر ترجع لها كلها”، إذ كان يُصر رغم عمره الذي يقارب أربعًا وخمسين عامًا على أن يشارك بالمظاهرات في مدينة السويس حيث يقيم، إذ جاء مهاجرًا بحثًا عن الرزق من مسقط رأسه في محافظة كفر الشيخ.
ورغم استنشاقه الغاز المُسيل للدموع من قنابل الداخلية واختناقه مرة بعد أخرى، إلا أنه منذ يوم الثلاثاء الأول لثورة 25 يناير وهو مُستمرٌ في التظاهر تاركًا عمله كفني زجاج لتركيب بروايز (إطارات) للصور وما شابه، وأيضًا مُفارقًا لستة من الأبناء نصفهم من الذكور والنصف الآخر إناث، بحسب تقرير الحاج فايز يدفع حياته ثمناً لإنهاء ليل الاستبداد ـ نقله موقع جزايرس عن جريدة أخبار اليوم في12 من مارس 2011م.
تظاهر فايز في رابع أيام الثورة أمام قسم شرطة الأربعين، دون أن يدري أن رجال الشرطة بداخله، بالتعاون مع بلطجية الحزب الوطني الحاكم آنذاك أعدوا العُدة لتصفية الثوار أمامه، فنشروا القناصة فوق الأسطح الخاصة بالبنايات المواجهة للقسم ليُصاب الراحل بطلق ناري في ذراعه، وآخر دخل من جانب بطنه الأيسر وخرج من الأيمن؛ ولينقله الثوار على الفور إلى مستشفى السويس العام ليفارق الحياة.
وبسبب قطع النظام للاتصالات وأبرزها التليفونية لم تعلم أسرة الراحل بمقتله إلا فجر اليوم التالي (السبت)، بحسب موقع شهداء الثورة على الفيسبوك في 6 من يونيو 2014م.
هُرعت زوجته للمستشفى لتجد جثمانه في المشرحة، وأقسمت بأنها لن تترك حق زوجها، بالإضافة لحقوق لمئات الشباب الذين لاقوا الله في الثورة، مضيفة أن دماءهم “في رقبتها ورقبة كل المصريين إلا أن يأخذوا بحقهم من رجال الشرطة المُجرمين”، بحسب قولها.
في 23 من أبريل/نيسان 2011م قررت الدولة آنذاك صرف معاش شهيد استثنائي لعائلة فايز، على أن يتم الصرف لأسرته من صندوق التأمين الاجتماعي للعاملين بالقطاع العام والخاص بشارع الألفي، بحسب خبر: بوابة الأهرام تنشر أسماء الشهداء المستحقة أسرهم الحصول على معاش استثنائي ـ جريدة الأهرام الحكومية في التاريخ السابق.
وفي الثلاثاء 19 من مارس/آذار 2013م واجهت زوجة الفقيد موقفًا دقيقًا إذ أثناء جلسة نظر محكمة جنايات السويس ظهرًا لقضية مقتل المُتظاهرين المتهم فيها أربعة عشر ضابطًا منهم مدير الأمن للمحافظة وقت قتلهم، وإصرار المُدعي العام على ضم الرئيس المخلوع حسني مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي للمُتهمين فوجئت زوجة الفقيد بمُحام يتنازل عن حق الادعاء المدني ضد أحد رجال الأعمال المتهمين بمعاونة الشرطة لقتل زوجها وآخرين، كما طالب المحكمة باتخاذ إجراء ضدها لاتهامها له بتزوير توكيل للدفاع عنها في جلسة المحاكمة السابقة؛ مما أثار غضب حاضري الجلسة.
وزعم المحامي بعد تقديمه سندًا يعزز قوله أن “سيدة” (زوجة الراحل) “ذهبتْ إليه، وقالت له إنها رأت زوجها الشهيد فى الحلم، وقال لها تنازلى عن اتهام هؤلاء”.
بدورها صرخت سيدة بشدة قائلة: “كذاب هو كذاب الكلام دا محصلش”، وحينما طالبها القاضي بالتزام الهدوء زادت حدتها وصراخها مُضيفة: “ده كذاب كذاب اسجنونى مش هسكت عليه الكداب ده”، ووجهت صراخها للمحامى: “ههددتونى وغشتونى وسحبت منك التوكيل، أولادى ذهبوا لإلغاء توكيلاتهم، لكن المحامى جعلهم يوقعون على تنازل”.
وتابعت: “بتهددونى فى التليفونات بأذى وإضرار أولادى؟، إحنا مش عايزينك محامى لينا مش عايزين غش هو مفيش دم؟”، ثم قالت للقاضي: “الله يكرمك احكم بحق الله، أنا بلغي وكالتي للمحامي ده، دول جننوا ابن لي بسبب الإكراه والتهديد والقهر، أنا بلغى التوكيل يا سيادة القاضى، دول بيهددونى عايزه حماية”، مما جعل أحد المحامين الحاضرين ينضم إليها طالبًا من القاضي انصافها، بحسب تقرير: أهالى شهداء السويس يطالبون برد محكمة قتلة الثوار ـ اليوم السابع ـ 19 من مارس 2013م.
اعتقد عدد من المواقع أن فايزًا ينتمي إلى مسيحي مصر، منها: 12 شهيدا مسيحياً من بين شهداء الثورة المصرية ـ موقع قناة عشتار ـ نقلًا عن جريدة الأهرام في 12 من فبراير/شباط 2012م، وهو ما أظهر عدم صحته فيديو للراحل بعنوان: شهداء 25 يناير (فايز فهيم) في 3 من مارس 2011م، وفيه صور له من بينها وهو بملابس الإحرام، بالإضافة لكتابة أسرته لآيات قرآنية فوق صورته عقب استشهاده.