مصطفى محمد عمر السيد بيومي
لم يذهب مصطفى محمد عمر السيد بيومي إلى مظاهرة من قبل، ولم يشارك في الثورة، ولكن الله اختاره شهيدًا رغم ذلك في أحداث محمد محمود، يقول والده عنه إنه تخرج من كلية الفنون التطبيقية منذ ثماني سنوات؛ وظل يبحث عن عمل داخل مصر لسنوات ليتزوج ويستقر، فلما لم يجد اضطر للسفر إلى المملكة العربية السعودية لسنوات، حتى انتهى عقد عمله في شركة عمل بها هناك؛ وعاد لمصر باحثًا عن فرصة عمل لم يعثر عليها مجددًا، فقرر الذهاب إلى مقابلة شخصية بشركة لإلحاق العمالة المصرية بالخارج في الاثنين 21 من نوفمبر/تشرين الثاني 2011م.
يومها كانت المواجهات على أشدها بين الداخلية والجيش والمُتظاهرين لليوم الثالث على التوالي؛ فعقب مليونية في الجمعة السابقة لمطالبة المجلس الأعلى العسكري (الذي حكم مصر بعد نجاح الثورة) بتسليم السلطة لرئيس مُنتخب وتحديد موعد عاجل للانتخابات الرئاسية .. قرر متظاهرون بخاصة من مصابي الثورة وأهاليهم الاعتصام في ميدان التحرير حتى يتم صرف مستحقاتهم، وفي صباح السبت هاجمتهم الداخلية بعنف شديد أدى إلى إصابة البعض واعتقال آخرين، وبعد ساعات بدأ سقوط الشهداء.
في هذه الأجواء لم يجد مصطفى مواصلة ليعود فيها من ميدان المساحة بحي الدقي، حيث كانت المقابلة ليركب مواصلة أخرى قريبًا من الميدان؛ إلى حيث يقيم بمدينة بنها في محافظة القليوبية؛ فاضطر ليسير على قدميه ليجد الرصاص منهمرًا قريبًا من التحرير؛ ويُصاب بطلقة اخترقتْ الجانب الأيمن من صدره وأدت لنزيف وتجويف دمويين، بحسب تقرير الطبيب الشرعي.
علمت الأسرة باستشهاده بعد إصابته وبالتالي إيداعه مشرحة زينهم، عبر اتصال من الشركة التي أجرى المقابلة فيها منذ نصف الساعة فقط؛ والتي علمت بالخبر من رقم هاتفها الذي كان في جيب الشهيد.
مساء يوم استشهاده شيع الآلاف من أهالي مدينته والقرى المجاورة جثمانه مُطالبين بحقه النظام آنذاك؛ وذلك بمشاركة عدد من القوى السياسية والائتلافات الشبابية؛ حتى تحول سرادق العزاء إلى مظاهرة ضد استخدام القوة في مواجهة المتظاهرين السلميين.
وقال شقيق الشهيد محمود (الوحيد على شقيقتين)، وهو محاسب ببنك التنمية والائتمان الزراعي لأحد المواقع الخاصة: “لن نترك حق مصطفى يضيع هباءًا؛ أين المجلس العسكرى الذى يتشدق بالديمقراطية وأنه حامى الثورة؟ وأين الحكومة الضعيفة(حكومة الدكتور كمال الجنزوري)، التى تركت الأمور حتى وصلت إلى ذلك الحال؛ وترتب عليها تقاتل وتناحر أبناء الشعب الواحد ..”.
أما والده فقال عقب استشهاد مصطفى أيضًا: ” القصاص ..لا أريد سوى القصاص لابني، الذي ذهبت روحه إلى بارئها بلا ذنب اقترفه، وبلا مبرر سوى إنه مصري روحه رخيصه عند حكامه .. الذين استحلوا دمائه بلا رحمة أو هواده..”.
والدة الشهيد قالت من خلال دموعها وقواها المُنهارة: “.. ربنا على الظالم ..منهم لله إللي عملوا كده فى ابني؛ سيبوني عليهم وأنا أقتلهم ..هقطعهم بأسناني ..حسبنا الله ونعم الوكيل ..مع السلامة يا مصطفى ..مش هشوفك تاني يا ابني ..منهم لله إللي قتلوك .. ابني كان طيب القلب .. محبوبًا بين زملائه، رقيق المشاعر، لا يعرف الكراهية لوطنه؛ ولم يكن يومًا بلطجيًا أو مُخالفًا لقانون وطنه الذى كان يعشقه، وكان يحلم بالاستقرار لمصر، ولكنه لن يستطيع أن يشارك في ذلك فقد لقي ربه”.