زياد أحمد بكير، 37 سنة، كبير مصممى الجرافيك فى دار الأوبرا المصرية، زوج وأب لثلاثة أبناء، حبيبة 11 سنة، وأدهم 9 سنوات وأحمد 6 سنوات. شهدت له عائلته وأصدقاءه بأمرين، حسن الخلق والإبداع في العمل. كما تروي عائلته، لم يكن له إهتمام سياسي، فقد كان يرى الحياة بصورة مختلفة كما تقول شقيقته:” زياد كان يتحدث خمسة لغات، مثقف، فنان على أعلى مستوى، له دنياه الخاصة به.”
يحكي والده أنه حضر قبل أحداث الثورة، هو زوجته وأطفاله الثلاثة إلى منزل الأسرة. وتكمل والدته: ” يوم 25 يناير كان مريضاً بالأنفلونزا، وكانت درجة حرارته مرتفعة، كان يريد أن ينزل للمشاركة في المشاركات، لكن عندما طالبته ألا ينزل،فاستمع لي، وعندما جاء يوم 28 يناير طلب مرة أخرى أن أسمح له بالنزول، فوافقت.” وتكمل “تابعته من الشرفة، رأيته يجري، تمنيت لو لم أسمح له بالنزول، أو أصل إليه لأطلب منه الرجوع، لكنه لم يعد بعدها.”
تابعت أسرته ما كان يحدث في الشوارع من خلال الفضائيات، وكان يوم 28 يناير، جمعة الغضب، هو الأكثر دموية بين أيام الثورة. انتظرت أسرته عودته، ولكنه لم يعد. بذهبت أسرته في اليوم التالي للبحث عنه في كل المستشفيات. ولم يجدوه، لكن الأمل كان موجوداً.. واستمر البحث و تكررت الرحلة فى جميع المستشفيات والأقسام والمشرحة وفى المعتقلات.. والنتيجة كما هى.
قالت والدته أثناء حضور معرض لأعمال زياد أفتتح في مركز الهناجر بدار الأوبرا المصرية، “لابد أن يرى الناس عمله الفني، ليعرفوا من هو من الذي قُتل بغدر وهو مش عدو.”
تكمل والدته: “عندما وجدت والده يتساءل عن سبب تأخره مساء، رددت عليه دون تفكير، أنه مات، ولا أعرف كيف نطقت هذه العبارة، وللأسف كانت الإتصالات مقطوعة، ولا توجد وسيلة نطمئن عليه.”
أما شقيقته فتقول، أنه في خلال أيام الثورة، وعندما بدأت الأسرة في البحث عنه واللجوء إلى وسائل الإعلام لمحاولة إيجاده، جاءت للأسرة مكالمات هاتفية غريبة، بدون أرقام تقول أن زياد بخير، وأنه في مكان أمن لكن “يجب شد دونه” ويجب توقف الأسرة عن مخاطبة الإعلام.
ظل الأمل يراود أسرة زياد أحمد بكير طويلاً.. 42 يوما كاملًا، تتنقل الأسرة بين المستشفيات وأقسام الشرطة والمشرحة، وأطفال زياد لا يتوقفون عن سؤال والدتهم: «ماما.. بابا راجع امتى؟.. هو فين يا ماما؟..».. السؤال يمتد إلى جدهم: «هو حضرتك عرفت بابا قاعد فين؟»، كانوا يقولونها لجدهم حينما يعود منهكا من رحلة بحث يومية لم تتوقف منذ «جمعة الغضب» 28 يناير.في اليوم 43 من الغياب، جاء اتصال إلى الأسرة، من زوجة الشهيد طارق عبداللطيف الأقطش: أنا زوجة الشهيد طارق، ووجدت زوجي فى مشرحة زينهم تحت اسم مختلف، وأنصحكم بالذهاب إلى المشرحة، توجهت الأسرة إلى المشرحة، ولم نستطع التعرف على الجثة، وبعد تحليل DNA ثبت أن الجثمان لزياد.احتشد للمشاركة في جنازة زياد، آلاف المصلين، داخل مسجد عمر مكرم.
في الذكري الأولى قال والده لأحد وسائل الأعلام في حوار صحفي:: “سأكون متناقضاً مع نفسي إذا قلت أن رغبتي كانت في عدم نزوله، لأن ابني ككل أبناء وشباب مصر، لا أحد أغلى قيمة عن أحد.”
تم إطلاق اسم الشهيد زياد بكير على إحدى المدارس في محافظة الجيزة، وعلى إحدى قاعات دار الأوبرا المصرية بالقاهرة.