مصطفى رجب محمود
مصطفى رجب محمود عبد الفتاح، 21 سنة، شاب مصري حصل على شهادة الإعدادية، كان في الرابعة عشر عندما توفى والده، العامل في شركة السويس للأسمنت، تاركاً وراءه أسرة من أربع فتيات وصبي، مصطفى، وأرملة. عندما توفى والده، جلس مع أمه بعد انتهاء العزاء ليقول لها “يا أمي، اللي خلف ما ماتش، من بكرة نازل أشتغل علشان أربي إخواتي البنات وأعلمهم أحسن تعليم.” لديه شقيقتان تكبرانه بأربع أعوام وعامين بالترتيب، وأخرتان تصغرانه أيضاً بعامين وأربعة أعوام. ترك الدراسة، وعمل في نفس شركة أبيه بصورة مؤقتة آملاً أن يتم منحه وظيفة ثابتة.
تقول إحدى شقيقتيه عنه أنه كان يعمل بكل طاقته ليوفر لهم الإحتياجات اللازمة، “كان أخ وأب سواء في تحمله المسؤولية أو في مشاعره الفياضة لنا.”
كام الجميع يحترمه، وكان رغم الجهد الكبير الذي يبذله في العمل، كان ملماً بجميع تفاصيل حياة شقيقاته، مشاكل المدرسة، شؤون المنزل، كما كان يراعي أمه صحياً كمريضة للكلى، وكان يذكر مواعيد جلسات العلاج لها.
في مقابلة صحفية، قالت شقيقتاه أنه يوم 21 يناير أسر لأمه أنه يشعر بأن شئ غير عادي سيحدث في مصر، وأنه قد يلقى ربه بسبب هذا الأمر، استنكرت أمه كلامه، وقالت له “ أنت عمود البيت.”
وفي صباح الثلاثاء 25 يناير، استيقظ من النوم مبكراً رغم أنه كان يوم أجازة، شاهد شقيقاته وهن يحضرن الإفطار، وقال لوالدته، حضري كل ما لديك من طعام، أنا جائع جدا، وبعد الإفطار اتصل بشقيقته المتزوجة لتحضر إلى بيت الأسرة هي وزوجها لمشاركة طعام الغداء، ثم ذهب لينام قليلاً، عندما اتصل به الأصدقاء ومنهم من حضر للسؤال لإحضاره للمشاركة في المظاهرات، أخبرتهم والدته أنه نائم ، لكنه استيقظ، استحم وقام بإخراج كل ملابسه ووقف يجرب أجملها عليه.
انضم مصطفى لأصدقائه في ميدان الأربعين الشهير بالسويس، وعندما ضرب جنود الأمن المركزي أحد أصدقائه، حاول إنقاذه، فضربه عساكر الأمن بالسنكي في ذراعه، وبعدها ألقوا عليه عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع، لكن مصطفى ومن معه لم يتوقفوا عن الهتاف، فضربهم العساكر بالرصاص الحي، ليصبح مصطفى أول شهيد في الثورة المصرية، لم يجد أصدقائه سيارة إسعاف لنقله إلى المستشفى، فقاموا بنقله في سيارة نصف نقل للمستشفى.
تابعت أسرته الأحداث من خلال التليفزيون، وجاء من يخبرهم أن مصطفى أصيب في حادث، فهرولت الأم والأقارب إلى المستشفى، لكن مصطفى كان انتقل إلى المشرحة، وعند وصول الأسرة هناك فوجئوا أن تقرير الطب الشرعي مكتوب فيه أن سبب الوفاة استنشاق الغاز المسيل للدموع، لم تقبل الأسرة التقرير، خاصة أن أثر الرصاص كان واضحاً على جسد مصطفى، وأصرت الأسرة أن يكتب الأطباء السبب الحقيقي للوفاة وهو الإصابة بالرصاص الحي. وبعد أن تم إستخراج التقرير الجديد، أخذت الأسرة والأصدقاء الجثمان من الباب الخلفي في عجالة، بعد هجوم وحدة من الأمن على المستشفى، وتوجهوا للصلاة عليه في مسجد العزيز بحي الجنائن بقرية عامر وتمت مراسم الدفن في سرية وسط حراسة الأمن ودفن في قرية العمدة بجوار قبر أبيه.
قالت والدة مصطفى في لقاء صحفي نشر، أن المسؤولين صرحوا أن التعويض المادي قيمته 50 ألف جنيه من المحافظة، وعندما صدر الشيك كانت القيمة 20 ألف جنيه، وأنها لم تصرف، فأن كل ما تحلُم به هو القصاص العادل من حبيب العادلي والرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.